اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَلَمَّا رَءَا ٱلۡقَمَرَ بَازِغٗا قَالَ هَٰذَا رَبِّيۖ فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمۡ يَهۡدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلضَّآلِّينَ} (77)

" بَازِغاً " حالٌ من " القمر " ، والبزوغ : الطُّلُوع ، يقال : بَزَغَ بفتح الزاي : يَبْزُغ بضمها بزوغاً ، والبُزُوغُ : الابتداء في الطلوع .

قال الأزهري{[14360]} : كأنه مأخوذ من البَزْغ وهو الشَّقُّ كأنه بنُورِهِ يَشُقُّ الظُّلْمَةَ شَقّاً ، ويستعمل قاصراً ومتعدياً ، يقال : بَزَغ البَيْطَارُ الدَّابَّةَ ، أي : أسال دَمَها ، فبزغ هو ، أي : سال ، هذا هو الأصل .

ثم قيل لكل طلوع : بزوغ ، ومنه بَزَغَ نَابُ الصبي والبعير تَشْبيهاً بذلك .

والقمر معروف سُمِّيَ بذلك لِبَيَاضِهِ ، وانتشار ضَوْئِهِ ، والأقْمَرُ : الحمار الذي على لون الليلة القمراء ، والقَمرَاءُ ضوء القمر .

وقيل سُمِّيَ القمر قمراً ؛ لأنه يقمر ضوء الكواكب ويفوز به ، واللَّيَالي القُمْرُ : ليالي تَدَوُّرِ القمر ، وهي الليالي البِيضُ ؛ لأن ضوء القمر يستمر فيها إلى الصباح .

قيل : ولا يقال له قمراً إلا بعد امتلائه في ثالث ليلة وقبلها هِلالٌ على خلاف بين أهل اللغة تقدم في البقرة عند قوله : { عَنِ الأَهِلَّةِ } [ البقرة :189 ] فإذا بلغ بعد العشر ثالث ليلة ، قيل له : " بدر " إلى خامس عشر .

ويقال : قمرت فلاناً ، أي : خدعته عنه ، وكأنه مأخوذ من قَمِرَت القِرْبَةُ : فَسَدَت بالقَمْراء .

قوله : { لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي } يدلُّ على أن الهدايةَ ليست إلاَّ من الله ، ولا يمكن حمل لفظ الهداية إلا على التمكين ، وإزاحة الأعْذَارِ ، ونَصْبِ الدلائل ؛ لأن كل ذلك كان حاصلاً لإبراهيم عليه السلام .


[14360]:ينظر: تهذيب اللغة 13/46.