المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ} (21)

21- وأولئك المؤمنون من دأبهم المحبة والطاعة ، إنهم يعقدون المودة مع الناس ويخصون ذوي أرحامهم ، ويؤيدون ولاتهم في الحق ، وهم يعرفون حق الله فيخشونه ، ويخافون الحساب الذي يسوؤهم يوم القيامة فيتوقّون الذنوب ما استطاعوا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ} (21)

ثم بين - سبحانه - صفات أخرى لهم فقال : { والذين يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ } .

أى : أن من صفات أولى الألباب - أيضا - أنهم يصلون كل ما أمر الله - تعالى - بوصله كصلة الأرحام ، وإفشاء السلام ، وإعانة المحتاج ، والإِحسان إلى الجار .

وقوله { وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } خشية تحملهم على امتثال أمره واجتناب نهيه .

{ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } أى : ويخافون أهوال يوم القيامة ، وما فيه من حساب دقيق ، فيحملهم ذلك على أن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا .

قال الآلوسى ما ملخصه : " وهذا من قبيل ذكر الخاص بعد العام للاهتمام ، والخشية والخوف قيل : بمعنى .

وفرق الراغب بينهما فقال : الخشية خوف يشوبه تعظيم ، وأكثر ما يكون ذلك من علم .

وقال بعضهم : الخشية أشد الخوف ، لأنها مأخوذة من قولهم : شجرة خشية ، أى : يابسة .

ثم قال الآلوسى : والحق أن مثل هذه الفروق أغلبى لا كلى . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ} (21)

19

( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ، ويخشون ربهم ، ويخافون سوء الحساب ) . .

هكذا في إجمال . فكل ما أمر الله به أن يوصل يصلونه . أي أنها الطاعة الكاملة والاستقامة الواصلة ، والسير على السنة ووفق الناموس بلا انحراف ولا التواء . لهذا ترك الأمر مجملا ، ولم يفصل مفردات ما أمر الله به أن يوصل ، لأن هذا التفصيل يطول ، وهو غير مقصود ، إنما المقصود هو تصوير الاستقامة المطلقة التي لا تلتوي ، والطاعة المطلقة التي لا تتفلت ، والصلة المطلقة التي لا تنقطع . . ويلمح عجز الآية إلى الشعور المصاحب في نفوسهم لهذه الطاعة الكاملة :

( ويخشون ربهم ، ويخافون سوء الحساب ) . .

فهي خشية الله ومخافة العقاب الذي يسوء قي يوم لقائه الرهيب . وهم أولوا الألباب الذين يتدبرون الحساب قبل يوم الحساب .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ} (21)

{ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ } من صلة الأرحام ، والإحسان إليهم وإلى الفقراء والمحاويج ، وبذل المعروف ، { وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } أي : فيما يأتون وما يذرون من الأعمال ، يراقبون الله في ذلك ، ويخافون سوء الحساب في الدار الآخرة . فلهذا أمرهم على السداد والاستقامة في جميع حركاتهم وسكناتهم وجميع أحوالهم القاصرة والمتعدية .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ} (21)

ووصل ما أمر الله به أن يوصل : ظاهره في القرابات وهو مع ذلك يتناول جميع الطاعات . و { سوء الحساب } هو أن يتقصى ولا تقع فيه مسامحة ولا تغمد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ} (21)

المراد ب { الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل } ما يصدق على الفريق الذين يوفون بعهد الله .

ومناسبة عطفه أنّ وصْلَ ما أمر الله به أن يوصل أثر من آثار الوفاء بعهد الله وهو عهد الطاعة الداخل في قوله : { وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم } في سورة يس ( 61 ) .

والوصل : ضم شيء لشيء . وضده القطع . ويطلق مجازاً على القُرب وضده الهجر . واشتهر مجازاً أيضاً في الإحسان والإكرام ومنه قولهم ، صلة الرحم ، أي الإحسان لأجل الرحم ، أي لأجل القرابة الآتية من الأرحام مباشرة أو بواسط ، وذلك النسب الجائي من الأمهات . وأطلقت على قرابة النسب من جانب الآباء أيضاً لأنها لا تخلو غالباً من اشتراك في الأمهات ولو بَعِدْنَ .

و{ ما أمر الله به أن يوصل } عام في جميع الأواصر والعلائق التي أمر الله بالمودة والإحسان لأصحابها .

فمنها آصرة الإيمان ، ومنها آصرة القرابة وهي صلة الرحم . وقد اتفق المفسرون على أنها مراد الله هنا ، وقد تقدم مثله عند قوله تعالى : { وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل } في سورة البقرة ( 26 ، 27 ) .

وإنما أطنب في التعبير عنها بطريقة اسم الموصول { ما أمر الله به أن يوصل } لما في الصلة من التعريض بأن واصلها آتتٍ بما يرضي الله لينتقل من ذلك إلى التعريض بالمشركين الذين قطعوا أواصر القرابة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ومَن معه من المؤمنين وأساءوا إليهم في كل حال وكتبوا صحيفة القطيعة مع بني هاشم .

وفيها الثناء على المؤمنين بأنهم يصلون الأرحام ولم يقطعوا أرحام قومهم المشركين إلا عندما حاربوهم وناووهم .

وقوله : { أن يوصل } بدل من ضمير { به } ، أي ما أمر الله بوصله . وجيء بهذا النظم لزيادة تقرير المقصود وهو الأرحام بعد تقريره بالموصولية .

والخشية : خوف بتعظيم المخوف منه وتقدمت في قوله تعالى : { وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } في سورة البقرة ( 45 ) . وتطلق على مطلق الخوف .

والخوف : ظن وقوع المضرة من شيء . وتقدم في قوله تعالى : { إلا أن يخافا ألاّ يقيما حدود الله } في سورة البقرة ( 229 ) .

و{ سوء الحساب } ما يحفّ به مما يسوء المحاسَب ، وقد تقدم آنفاً ، أي يخافون وقوعه عليهم فيتركون العمل السيّء .

وجاءت الصلات { الذين يوفون } و { الذين يصلون } وما عطف عليهما بصيغة المضارع في تلك الأفعال الخمسة لإفادة التجدد كناية عن الاستمرار .