المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا} (41)

41- يا أيها الذين آمنوا : اثنوا على الله بضروب الثناء وأكثروا من ذلك ، ونزّهوه عن كل ما لا يليق به أول النهار وآخره .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا} (41)

ثم جاءت الآيات الكريمة بعد ذلك لتؤكد هذا المعنى وتقرره ، فأمرت المؤمنين بالإِكثار من ذكر الله - تعالى - ومن تسبيحه وتحميده وتكبيره - فقال - سبحانه - : { ياأيها الذين آمَنُواْ . . . لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً } .

والمقصود بذكر الله - تعالى - فى قوله : { ياأيها الذين آمَنُواْ اذكروا الله ذِكْراً كَثِيراً } ما يشمل التهليل والتحميد والتكبير وغير ذلك من القوال والأفعال التى ترضيه - عز وجل - .

أى : يا من آمنتم بالله حق الإِيمان اكثروا من التقرب إلى الله - تعالى - بما يرضيه ، فى كل أوقاتكم وأحوالكم ، فإن ذكر الله - تعالى - هو رطب النفوس ودواؤها ، وهو عافية الأبدان وشفاؤها ، به تطمئن القلوب ، وتنشرح الصدور . .

والتعبير بقوله : { اذكروا الله ذِكْراً كَثِيراً } يشعر بأن من شأن المؤمن الصادق فى إيمانه ، أن يواظب على هذه الطاعة مواظبة تامة .

ومن الأحاديث التى وردت فى الض على الإِكثار من ذكر الله ، ما رواه الإِمام أحمد عن أبى الدرداء . . رضى الله عنه . . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بخير أعمالكم ، وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها فى درجاتكم ، وخير لكم من إعطاء الذهب والوَرِقِ - أى : الفضة ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ، ويضربوا أعناقكم ، قالوا : وما هو يا رسول الله ؟ قال : ذكر الله - عز وجل - " .

وعن عمرو بن قيس قال : " سمعت عبد الله بن بسر يقول : جاء اعرابيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما : يا رسول الله ، أى الناس خير ؟ قال : " من طال عمره وحسن عمله " .

وقال الآخر : يا رسول الله ، إن شرائع الإِسلام قد كثرت علينا ، فمرنى بأمر أتشبت به . قال : " لا يزال لسانك رطبا بذكر الله " " .

وقال ابن عباس : لم يفرض الله - تعالى - فريضة إلا جعل لها حدا معلوما ، ثم عذر أهلها فى حال العذر ، غير الذكر ، فإن الله - تعالى - لم يجعل له حدا ينتهى إليه ، ولم يعذر أحداً فى تركه إلا مغلوبا على عقله ، وأمرهم به فى الأحوال كلها . فقال - تعالى - : { الذين يَذْكُرُونَ الله قِيَاماً وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِهِمْ . . . } وقال - سبحانه - : { فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصلاة فاذكروا الله قِيَاماً وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِكُمْ . . } أى : بالليل وبالنهار ، فى البر والبحر ، وفى السفر والحضر ، والغنى والفقر ، والسقم والصحة ، والسر والعلانية ، وعلى كل حال . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا} (41)

36

ثم يمضي السياق القرآني في ربط القلوب بهذا المعنى الأخير ، ووصلهم بالله الذي فرض على رسوله ما فرض ، واختار للأمة المسلمة ما اختار ؛ يريد بها الخير ، والخروج من الظلمات إلى النور :

( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ، وسبحوه بكرة وأصيلا . هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور ، وكان بالمؤمنين رحيما . تحيتهم يوم يلقونه سلام . وأعد لهم أجرا كريما ) . .

وذكر الله اتصال القلب به ، والاشتغال بمراقبته ؛ وليس هو مجرد تحريك اللسان . و إقامة الصلاة ذكر لله . بل إنه وردت آثار تكاد تخصص الذكر بالصلاة :

روى أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث الأعمش عن الأغر أبي مسلم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] قال : " إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين ، كانا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات " . .

وإن كان ذكر الله أشمل من الصلاة . فهو يشمل كل صورة يتذكر فيها العبد ربه ، ويتصل به قلبه . سواء جهر بلسانه بهذا الذكر أم لم يجهر . والمقصود هو الاتصال المحرك الموحي على أية حال .

وإن القلب ليظل فارغا أو لاهيا أو حائرا حتى يتصل بالله ويذكره ويأنس به . فإذا هو مليء جاد ، قار ، يعرف طريقه ، ويعرف منهجه ، ويعرف من أين وإلى أين ينقل خطاه !

ومن هنا يحض القرآن كثيرا ، وتحض السنة كثيرا ، على ذكر الله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا} (41)

يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بكثرة ذكرهم لربهم تعالى ، المنعم عليهم بأنواع النعم وأصناف {[23587]} المنن ، لما لهم في ذلك من جزيل الثواب ، وجميل المآب .

قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن سعيد{[23588]} ، حدثني مولى بن عياش {[23589]} عن أبي بَحرية{[23590]} ، عن أبي الدرداء ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إعطاء الذهب والوَرق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ، ويضربوا أعناقكم ؟ " قالوا : وما هو يا رسول الله ؟ قال : " ذكر الله عز وجل " .

وهكذا رواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن زياد - مولى ابن عياش{[23591]} - عن أبي بَحرية - واسمه عبد الله بن قيس التراغمي - عن أبي الدرداء ، به{[23592]} . قال الترمذي : ورواه بعضهم عنه فأرسله .

قلت : وقد تقدم هذا الحديث عند قوله تعالى : { وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ } في مسند [ الإمام ]{[23593]} أحمد ، من حديث زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عَيَّاش : أنه بلغه عن معاذ بن جبل ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بنحوه ، فالله أعلم .

وقال{[23594]} الإمام أحمد : حدثنا وَكِيع ، حدثنا فرج بن فَضَالة ، عن أبي سعد الحِمْصي قال : سمعت أبا هريرة يقول : دعاء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أدعه : " اللهم ، اجعلني أعظم شكرك ، وأتبع نصيحتك ، وأكثر ذكرك ، وأحفظ وصيتك " . {[23595]}

ورواه الترمذي عن يحيى بن موسى ، عن وكيع ، عن أبي فضالة الفرج بن فضالة ، عن أبي سعيد الحمصي ، عن أبي هريرة ، فذكر مثله وقال : غريب . {[23596]}

وهكذا رواه الإمام أحمد أيضا عن أبي النضر هاشم بن القاسم ، عن فرج بن فضالة ، عن أبي سعيد المدني{[23597]} عن أبي هريرة فذكره . {[23598]}

وقال{[23599]} الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدِي ، عن معاوية بن صالح ، عن عمرو بن قيس قال : سمعت عبد الله بن بُسْر يقول : جاء أعرابيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أحدهما : يا رسول الله ، أي الناس خير ؟ قال : " مَنْ طال عمره وحسن عمله " . وقال الآخر : يا رسول الله ، إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا{[23600]} ، فمرني بأمر أتشبث به . قال : " لا يزال لسانك رَطْبًا بذكر الله " . {[23601]}

وروى الترمذي وابن ماجه [ منه ]{[23602]} الفصل الثاني ، من حديث معاوية بن صالح ، به{[23603]} . وقال الترمذي : حسن غريب .

وقال{[23604]} الإمام أحمد : حدثنا سُرَيج{[23605]} ، حدثنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث قال : إنّ دَرّاجا أبا السمح حدثه ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أكثروا ذكر الله حتى يقولوا : مجنون . " {[23606]}

وقال الطبراني : حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثنا عقبة بن مُكرم العَمِّي ، حدثنا سعيد بن سفيان{[23607]} الجَحْدَرِي ، حدثنا الحسن بن أبي جعفر ، عن عقبة بن أبي ثُبَيت{[23608]} الراسبي ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اذكروا الله ذكرا كثيرا [ حتى ]{[23609]} يقول المنافقون : تراءون . " {[23610]}

وقال{[23611]} الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، حدثنا شداد أبو طلحة الراسبي ، سمعت أبا الوازع جابر بن عمرو يحدث عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من قوم جلسوا مجلسا لم يذكروا الله فيه ، إلا رأوه حسرة يوم القيامة . " {[23612]}

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله تعالى : { اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا } : إن الله لم يفرض [ على عباده ]{[23613]} فريضة إلا [ جعل لها حدا معلوما ، ثم ]{[23614]} عذر أهلها في حال عذر ، غير الذكر ، فإن الله لم يجعل له حدًّا ينتهي إليه ، ولم يعذر أحدًا في تركه ، إلا مغلوبا على تركه ، فقال : { فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ } [ النساء : 103 ] ، بالليل والنهار ، [ في البر والبحر ]{[23615]} ، وفي السفر والحضر ، والغنى والفقر ، والصحة والسقم ، والسر والعلانية ، وعلى كل حال ،


[23587]:- في أ: "وصنوف".
[23588]:- في أ: "سعد".
[23589]:- في أ: "عباس".
[23590]:- في أ: "عن أبي عرة".
[23591]:- في أ: "عباس".
[23592]:- المسند (5/195) وسنن الترمذي برقم (3377) وسنن ابن ماجه برقم (3790).
[23593]:- زيادة من أ.
[23594]:- في ت: "وروى".
[23595]:- المسند (2/477).
[23596]:- سنن الترمذي برقم (3604).
[23597]:- في أ: "المزني".
[23598]:- المسند (2/311).
[23599]:- في ت: "وروى".
[23600]:- في ت: "عليَّ".
[23601]:- المسند (4/190).
[23602]:- زيادة من ف ، أ.
[23603]:- سنن الترمذي برقم (3375) وسنن ابن ماجه برقم (3793)
[23604]:- في ت: "وروى".
[23605]:- في أ: "شريح".
[23606]:- المسند (3/68) وفيه دراج ، عن أبي الهيثم ضعيف
[23607]:- في أ: "سفر".
[23608]:- في أ: "سبب".
[23609]:- زيادة من ت ، ف ، أ ، والمعجم.
[23610]:- المعجم الكبير للطبراني (12/169) وقال الهيثمي في المجمع (10/76): "فيه الحسين بن أبي جعفر الجعفري وهو ضعيف".
[23611]:- في أ: "زاده".
[23612]:- المسند (2/224) وقال الهيثمي في المجمع (10/80): "رجاله رجال الصحيح".
[23613]:- زيادة من ت ، ف ، أ.
[23614]:- زيادة من ت ، ف ، أ.
[23615]:- زيادة من ت ، ف ، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا} (41)

{ يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا } يغلب الأوقات ويعم الأنواع بما هو أهله من التقديس والتحميد والتهليل والتمجيد .