الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا} (41)

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { اذكروا الله ذكراً كثيراً } يقول : لا يفرض على عبادة فريضة إلا جعل لها حداً معلوماً ، ثم عذر أهلها في حال عذر غير الذكر ، فإن الله تعالى لم يجعل له حداً ينتهي إليه ، ولم يعذر أحداً في تركه إلا مغلوباً على عقله فقال : اذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم ، بالليل والنهار ، في البر والبحر ، في السفر والحضر ، في الغنى والفقر ، والصحة والسقم ، والسر والعلانية ، وعلى كل حال ، وقد سبحوه بكرة وأصيلاً ، فإذا فعلتم ذلك صلى عليكم وهو وملائكته . قال الله تعالى { هو الذي يصلي عليكم وملائكته } .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله { اذكروا الله ذكراً كثيراً } قال : باللسان ، بالتسبيح ، والتكبير ، والتهليل ، والتحميد ، واذكروه على كل حال { وسبحوه بكرة وأصيلاً } يقول : صلوا لله بكرة بالغداة ، وأصيلاً بالعشي .

وأخرج أحمد والترمذي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل « أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة ؟ قال : الذاكرون الله كثيراً قلت يا رسول الله : ومن الغازي في سبيل الله ؟ قال : لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دماً لكان الذاكرون الله أفضل منه درجة » .

وأخرج أحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « سبق المفردون قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيراً » .

وأخرج أحمد والطبراني عن معاذ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم « أن رجلاً سأله فقال : أي المجاهدين أعظم أجراً ؟ قال : أكثرهم لله ذكراً قال : فأي الصائمين أعظم أجراً ؟ قال : أكثرهم لله ذكراً . والصلاة ، والزكاة ، والحج ، والصدقة . كل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أكثرهم لله ذكراً فقال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما : يا أبا حفص ذهب الذاكرون بكل خير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أجل » .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدف بين حمدان قال « يا معاذ أين السابقون ؟ قلت مضى ناس قال : أين السابقون الذين يستهترون بذكر الله ؟ من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر ذكر الله » .

وأخرج الطبراني عن أم أنس رضي الله عنها قالت « يا رسول الله أوصني قال : اهجري المعاصي فإنها أفضل الهجرة ، وحافظي على الفرائض فإنها أفضل الجهاد ، وأكثري من ذكر الله فإنك لا تأتين الله بشيء أحب إليه من كثرة ذكره » .

وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من لم يكثر ذكر الله فقد برئ من الإيمان » .

وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « أكثروا ذكر الله حتى يقولوا : مجنون » .

وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « اذكروا الله حتى يقول المنافقون : إنكم مراؤون » .

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي الجوزاء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أكثروا من ذكر الله حتى يقول المنافقون : إنكم مراؤون » .