بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا} (41)

قوله عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذِكْراً كَثِيراً } يعني : اذكروا الله باللسان . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إنَّ هِذِه القُلُوبَ لَتَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ الحَدِيدُ » . قيل : يا رسول الله فما جلاؤها ؟ قال : «تِلاوَةُ كِتَابِ الله عَزَّ وَجَلَّ ، وَكَثْرَةُ ذِكْرِهِ » .

وذكر أن أعرابياً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن شرائع الإسلام قد كثرت ، فأنبئني منها بأمر أتشبث به . فقال : «لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبَاً مِنْ ذِكْرِ الله عَزَّ وَجَلَّ » . ويقال : ليس شيء من العبادات أفضل من ذكر الله تعالى ، لأنه قدر لكل عبادة مقداراً ، ولم يقدر للذكر ، وأمر بالكثرة فقال : { اذكروا الله ذِكْراً كَثِيراً } يعني : اذكروه في الأحوال كلها . لأن الإنسان لا يخلو من أربعة أحوال . إما أن يكون في الطاعة ، أو في المعصية ، أو في النعمة ، أو في الشدة . فإذا كان في الطاعة ينبغي أن يذكر الله عز وجل بالإخلاص ، ويسأله القبول والتوفيق . وإذا كان في المعصية ينبغي أن يذكر الله عز وجل بالامتناع عنها ، ويسأل منه التوبة منها والمغفرة . وإذا كان في النعمة يذكره بالشكر ؛ وإذا كان في الشدة يذكره بالصبر .