فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا} (41)

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا } أمر سبحانه عباده بأن يستكثروا من ذكره بالتهليل والتحميد والتسبيح وكل ما هو ذكر لله تعالى ، قال مجاهد : هو أن لا ينساه أبدا ، وقال الكلبي : ويقال ذكرا كثيرا بالصلوات الخمس ، وقال مقاتل : هو التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير على كل حال ، وقال ابن عباس في الآية لم يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها أجلا معلوما ، ثم عذر أهلها في حال العذر غير الذكر ، فإن الله لم يجعل له حدا ينتهي إليه ولم يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على عقله ، فقال : { اذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم } بالليل والنهار ، في البر والبحر ، في السفر والحضر ، في الغنى والفقر ، في الصحة والسقم ، في السر والعلانية وعلى كل حال ، وقد ورد في فضل الذكر والاستكثار منه أحاديث كثيرة .

وقد صنف في الأذكار المتعلقة بالليل والنهار جماعة من الأئمة كالنسائي والنووي والجزري وغيرهم ، وقد نطقت الآيات القرآنية بفضل الذاكرين وفضيلة الذكر ، ولذكر الله أكبر ، وقد ورد أنه أفضل من الجهاد كما في حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد والترمذي والبيهقي : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العباد أفضل درجة عند يوم القيامة ؟ قال :الذاكرون الله كثيرا . قلت : يا رسول الله ومن الغازين في سبيل الله ؟ قال : لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى يتكسر ويتخضب دما لكان الذاكرون أفضل منه درجة ، وأخرج أحمد عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا أعداءكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا وما هو يا رسول الله ؟ قال : ذكر الله عز وجل وأخرجه أيضا الترمذي وابن ماجة .

وفي صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبق المفردون . قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات .

وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والحاكم وصححه ، والبيهقي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أذكروا الله حتى يقول المنافقون إنكم مراؤون .