المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٞ} (51)

51- قال قائل منهم عند ذلك : إني كان لي صاحب من المشركين ، يجادلني في الدين وما جاء به القرآن الكريم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٞ} (51)

{ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ } أى : إنى فى الدنيا كان لى صديق ملازم لى ، ينهانى عن الإِيمان - بالبعث والحساب ، ويقول لى - بأسلوب التهكم والاستهزاء : { أَإِنَّكَ لَمِنَ المصدقين }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٞ} (51)

قال قائل منهم : إني كان لي قرين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٞ} (51)

{ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ } قال مجاهد : يعني شيطانا .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : هو الرجل المشرك ، يكون له صاحب من أهل الإيمان في الدنيا .

ولا تنافي بين كلام مجاهد ، وابن عباس ؛ فإن الشيطان يكون من الجن فيوسوس في النفس ، ويكون من الإنس فيقول كلاما تسمعه الأذنان ، وكلاهما متعاديان ، {[24973]} قال الله تعالى : { يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا } [ الأنعام : 112 ] وكل منهما يوسوس ، كما قال{[24974]} تعالى : { [ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ . مَلِكِ النَّاسِ . إِلَهِ النَّاسِ ] . مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ . الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ . مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاس } [ سورة الناس ] . ولهذا { قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ } .

/خ61


[24973]:- (2) في ت، س: "متعاونان".
[24974]:- (3) في ت: "قال الله تعالى".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٞ} (51)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ قَآئِلٌ مّنْهُمْ إِنّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنّكَ لَمِنَ الْمُصَدّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنّا لَمَدِينُونَ } .

يقول تعالى ذكره : قال قائل من أهل الجنة إذ أقبل بعضهم على بعض يتساءلون : إني كانَ لي قَرِينٌ فاختلف أهل التأويل في القرين الذي ذُكر في هذا الموضع ، فقال بعضهم : كان ذلك القرين شيطانا ، وهو الذي كان يقول له : أئِنّكَ لَمِنَ المُصَدّقِينَ بالبعث بعد الممات . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله : إنّي كانَ لي قَرِينٌ قال : شيطان . وقال آخرون : ذلك القرين شريك كان له من بني آدم أو صاحب . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إنّي كانَ لِي قَرِينٌ يقول أئِنّكَ لَمِنَ المُصَدّقِينَ قال : هو الرجل المشرك يكون له الصاحب في الدنيا من أهل الإيمان ، فيقول له المشرك : إنك لتُصدّق بأنك مبعوث من بعد الموت أئذا كنا ترابا ؟ فلما أن صاروا إلى الاَخرة وأدخل المؤمُن الجنة ، وأدخل المشرك النار ، فاطلع المؤمن ، فرأى صاحبه في سَواء الجحيم قَالَ تَاللّهِ إنْ كِدْتَ لُتردِينِ .

حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ، قال : عتاب بن بشير ، عن خَصيف ، عن فُرات بن ثعلبة البهراني في قوله : إنّي كانَ لِي قَرِينٌ قال : إن رجلين كانا شريكين ، فاجتمع لهما ثمانية آلاف دِينار ، وكان أحدهما له حرفة ، والاَخر ليس له حرفة ، فقال الذي له حرفة للاَخر : ليس لك حرفة ، ما أُراني إلا مفارقك ومُقاسمك ، فقاسمه وفارقه ثم إن الرجل اشترى دارا بألف دينار كانت لملك قد مات فدعا صاحبه فأراه ، فقال : كيف ترى هذه الدار ابتعُتها بألف دينار ؟ قال : ما أحسنها فلما خرج قال : اللهمّ إن صاحبي هذا قد ابتاع هذه الدار بألف دينار ، وإني أسألك دارا من دور الجنة ، فتَصَدّقَ بألف دينار ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ، ثم إنه تزوّج امرأة بألف دينار ، فدعاه وصنع له طعاما فلما أتاه قال : إني تزوّجت هذه المرأة بألف دينار قال : ما أحسن هذا فلما انصرف قال : يا ربّ إن صاحبي تزوّج امرأة بألف دينار ، وإني أسألك امرأة من الحُور العين ، فتصدّق بألف دينار ثم إنه مكث ما شاء الله أن يمكث ، ثم اشترى بستانين بألفي دينار ، ثم دعاه فأراه ، فقال : إني ابتعت هذين البستانين ، فقال : ما أحسن هذا فلما خرج قال : يا ربّ إن صاحبي قد اشترى بساتين بألفي دينار ، وأنا أسألك بستانين من الجنة ، فتصدّق بألفي دينار ثم إن الملك أتاهما فتوفّاهما ثم انطلق بهذا المتصدّق فأدخله دارا تعجبه ، فإذا امرأة تطلع يضيء ما تحتها من حُسنها ، ثم أدخله بستانين ، وشيئا الله به عليم ، فقال عند ذلك : ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا وكذا . قال : فإنه ذاك ، ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة . قال : فإنه كان لي صاحب يقول : أئِنّكَ لَمِنَ المُصَدّقِينَ قيل له : فإنه من الجحيم ، قال : فهل أنتم مُطّلِعون ؟ فاطّلَع فرآه في سواء الجحيم ، فقال عند ذلك : تاللّهِ إنْ كِدْتَ لَتُرْدينِ وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبي لَكُنْتُ مِنَ المُحْضَرِينَ . . . الاَيات . .

وهذا التأويل الذي تأوّله فرات بن ثعلبة يقوّي قراءة من قرأ «إنّكَ لمِنَ المُصّدّقِينَ » بتشديد الصاد بمعنى : لمن المتصدقين ، لأنه يذكر أن الله تعالى ذكره إنما أعطاه ما أعطاه على الصدقة لا على التصديق ، وقراءة قرّاء الأمصار على خلاف ذلك ، بل قراءتها بتخفيف الصاد وتشديد الدال ، بمعنى : إنكار قرينه عليه التصديق أنه يبعث بعد الموت ، كأنه قال : أتصدّق بأنك تبعث بعد مماتك ، وتُجْزَى بعملك ، وتحاسَب ؟ يدل على ذلك قول الله : أئِذَا مِتْنا وكُنّا تُرَابا وَعِظاما أئِنّا لَمَدِينونَ وهي القراءة الصحيحة عندنا التي لا يجوز خِلافُها لإجماع الحجة من القرّاء عليها .

وقوله : أئِنّا لَمَدِينُونَ يقول : أئنا لمحاسبون ومجزيّون بعد مصيرنا عظاما ولحومنا ترابا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : أئِنّا لَمَدِينُونَ يقول : أئنا لمجازوْن بالعمل ، كما تَدِين تُدان .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : أئِنّا لَمَدينُونَ : أئنا لمحاسبون .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ أئِنّا لَمَدينُونَ محاسبون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٞ} (51)

ثم أخبر الله تعالى عن قول { قائل منهم } في قصته فهو مثال لكل من له { قرين } سوء يعطي هذا المثال التحفظ من قرناء السوء ، واستشعار معصيتهم وعبر عن قول هذا الرجل بالمضي من حيث كان أمراً متيقناً حاصلاً لا محالة ، وقال ابن عباس وغيره كان هذان من البشر مؤمن وكافر ، وقالت فرقة : هما اللذان ذكر الله تعالى في قوله { يا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً }{[9856]} [ الفرقان : 28 ] وقال مجاهد كان إنسياً وجنياً من الشياطين الكفرة .

قال القاضي أبو محمد : والأول أصوب .


[9856]:من الآية (28) من سورة(الفرقان).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٞ} (51)

وجملة { قَالَ قائِلٌ مِنهم } بدل اشتمال من جملة { يَتَسَاءَلُونَ } ، أي قال أحدهم في جواب سؤال بعضهم ، فإن معنى التساؤل يشتمل على معنى الجواب فلذلك جعلناه بدل اشتمال لا بدل بعض ولا عطف بيان ، والقرين مراد به الجنس ، فإن هذا القول من شأنه أن يقوله كثير من خلطاء المشركين قبل أن يُسْلموا .

والقرين : المصاحب الملازم شبهت الملازمة الغالبة بالقرْن بين شيئين بحيث لا ينفصلان ، أي يقول له صاحبه لما أَسلم وبقي صاحبه على الكفر يجادله في الإِسلام ويحاول تشكيكه في صحته رجاء أن يرجع به إلى الكفر كما قال سعيد بن زيد : « لقد رأيتُني وأنَّ عُمر لمُوثقي على الإِسلام » أي جاعلني في وثاق لأجل أني أسلمت ، وكان سعيد صهر عُمر زوْجَ أخته .