المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ} (8)

8- وهم محافظون علي كل ما ائتمنوا عليه من مال ، أو قول ، أو عمل ، أو غير ذلك ، وعلي كل عهد بينهم وبين الله أو بينهم وبين الناس ، فلا يخونون الأمانات ولا ينقضون العهود .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ} (8)

أما الصفة الخامسة من صفات هؤلاء المفلحين ، فقد عبر عنها - سبحانه - بقوله : { والذين هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } .

والأمانات : جمع أمانة ، وتشمل كل ما استودعك الله - تعالى إياه ، وأمرك بحفظه .

فتشمل جميع التكاليف التى كلفنا الله بأدائها كما تشمل الأموال المودعة ، والأيمان والنذور والعقود وما يشبه ذلك .

والعهود : جمع عهد . ويتناول كل ما طلب منك الوفاء به من حقوق الله - تعالى - وحقوق الناس .

قال القرطبى : والأمانة والعهد يجمع كل ما يحمله الإنسان من أمر دينه ودنياه ، قولاً وفعلاً ، وهذا يعم معاشرة الناس والمواعيد وغير ذلك . وغاية ذلك حفظه والقيام به . والأمانة أعم من العهد وكل عهد فهو أمانة فيما تقدم فيه قول أو فعل أو معتقد " .

وراعون : من الرعى بمعنى الحفظ يقال : رعى الأمير رعيته رعاية ، إذا حفظها واهتم بشئونها .

أى : أن من صفات هؤلاء المفلحين . أنهم يقومون بحفظ ما ائتمنوا عليه من أمانات ، ويوفون بعهودهم مع الله - تعالى - ومع الناس ، ويؤدون ما كلفوا بأدائه بدون تقصير أو تقاعس .

وذلك لأنه لا تستقيم حياة أمة من الأمم . إلا إذا أديت فيها الأمانات ، وحفظت فيها العهود ، واطمأن فيها كل صاحب حق إلى وصول هذا الحق إليه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ} (8)

2

( والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون )راعون لأماناتهم وعهدهم أفرادا ؛ وراعون لأماناتهم وعهدهم جماعة . .

والأمانات كثيرة في عنق الفرد وفي عنق الجماعة ؛ وفي أولها أمانة الفطرة ؛ وقد فطرها الله مستقيمة متناسقة مع ناموس الوجود الذي هي منه وإليه شاهدة بوجود الخالق ووحدانيته ، بحكم إحساسها الداخلي بوحدة الناموس الذي يحكمها ويحكم الوجود ، ووحدة الإرادة المختارة لهذا الناموس المدبرة لهذا الوجود . . والمؤمنون يرعون تلك الأمانة الكبرى فلا يدعون فطرتهم تنحرف عن استقامتها ، فتظل قائمة بأمانتها شاهدة بوجود الخالق ووحدانيته . ثم تأتي سائر الأمانات تبعا لتلك الأمانة الكبرى .

والعهد الأول هو عهد الفطرة كذلك . هو العهد الذي قطعه الله على فطرة البشر بالإيمان بوجوده وبتوحيده . وعلى هذا العهد الأول تقوم جميع العهود والمواثيق . فكل عهد يقطعه المؤمن يجعل الله شهيدا عليه فيه ، ويرجع في الوفاء به إلى تقوى الله وخشيته .

والجماعة المسلمة مسؤولة عن أماناتها العامة ، مسؤولة عن عهدها مع الله تعالى ، وما يترتب على هذا العهد من تبعات . والنص يجمل التعبير ويدعه يشمل كل أمانة وكل عهد . ويصف المؤمنين بأنهم لأماناتهم وعهدهم راعون . فهي صفة دائمة لهم في كل حين . وما تستقيم حياة الجماعة إلا أن تؤدى فيها الأمانات ؛ وترعى فيها العهود ؛ ويطمئن كل من فيها إلى هذه القاعدة الأساسية للحياة المشتركة ، الضرورية لتوفير الثقة والأمن والاطمئنان .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ} (8)

وقوله : { وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } أي : إذا اؤتمنوا لم يخونوا ، بل يؤدونها إلى أهلها ، وإذا عاهدوا أو عاقدوا أوفوا بذلك ، لا كصفات المنافقين الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " آية المنافق ثلاث : إذا حَدَّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان " .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ} (8)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَالّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالّذِينَ هُمْ عَلَىَ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلََئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وَالّذِينَ هُمْ لأَماناتِهمْ التي ائتمنوا عليها وعهدهم ، وهو عقودهم التي عاقدوا الناس راعُونَ يقول : حافظون لا يضيعون ، ولكنهم يوفون بذلك كله .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار إلا ابن كثير : وَالّذِينَ هُمْ لأَماناتِهِمْ على الجمع . وقرأ ذلك ابن كثير : «لأَمانَتِهِم » على الواحدة .

والصواب من القراءة في ذلك عندنا : لأَماناتِهِمْ لإجماع الحجة من القرّاء عليها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ} (8)

قرأ جمهور الناس «لأماناتهم » بالجمع ، وقرأ ابن كثير «لأمانتهم » بالإفراد ، والأمانة العهد تجمع كل ما تحمله الإنسان من أمر دينه ودنياه قولاً وفعلاً ، وهذا يعم معاشرة الناس والمواعيد وغير ذلك ، ورعاية ذلك حفظه والقيام به ، والأمانة أعم من العهد ، إذ كل عهد فهو أمانة فيما تقدم فيه قول أو فعل أو معتقد ، وقد تعن أمانة فيما لم يعهد فيه تقدم ، وهذا إذا أخذناهما بنسبتهما إلى العبد ، فإن أخذناهما من حيث هما{[8456]} عهد الله إلى عباده وأمانته التي حملهم كانا في رتبة واحدة .


[8456]:في بعض النسخ: "من حيث صلحا".