اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ} (8)

قوله : { والذين هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ } قرأ ابن كثير هنا وفي سأل{[32207]} «لأَمَانَتِهِم »{[32208]} بالتوحيد ، والباقون بالجمع{[32209]} . وهما في المعنى واحد إذ المراد العموم{[32210]} والجمع أوفق .

والأمانة في الأصل مصدر ، ويطلق على الشيء المؤتمن عليه لقوله{[32211]} : { أَن تُؤدُّوا الأمانات إلى أَهْلِهَا }{[32212]} [ النساء : 58 ] .

«وتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ »{[32213]} ، وإنما يُؤدَّى ويُخان الأعيان لا المعاني ، كذا قال الزمخشري{[32214]} .

أما ما ذكره من الآيتين فمسلم ، وأما هذه الآية فيحتمل المصدر ويحتمل العين ، والعهد ما عقده على نفسه فيما يقربه إلى الله ، ويقع أيضاً على ما{[32215]} أمر الله به كقوله : { الذين قالوا إِنَّ الله عَهِدَ إِلَيْنَا }{[32216]} [ آل عمران : 183 ] ، والعقود التي عاقدوا الناس عليها يقومون بالوفاء بها . فالأمانات تكون بين الله وبين العبد كالصلاة ، والصيام ، والعبادات الواجبة وتكون بين العبيد كالودائع والبضائع{[32217]} ، فعلى{[32218]} العبد الوفاء بجميعها{[32219]} .

وقوله : «رَاعُونَ » الراعي القائم{[32220]} على الشيء يحفظه ويصلحه كراعي الغنم ، ومنه يقال : مَنْ راعي هذا الشيء ؟ أي متوليه{[32221]} .


[32207]:من قوله تعالى: {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} [المعارج: 32].
[32208]:في النسختين: لأماناتهم.
[32209]:السبعة (444، 651)، الحجة لابن خالويه (255)، الكشف 2/125، النشر 2/328، الإتحاف (318).
[32210]:فمن وحد فلأن المصدر يدل على القليل والكثير من جنسه، ومن جمع فلأن المصدر إذا اختلفت أجناسه وأنواعه جمع. والأمانة هنا مختلفة لأنها تشتمل على سائر العبادات وغيرها من المأمورات. مشكل إعراب القرآن 2/102 – 103، الكشف 2/125، البيان 2/181 التبيان 2/950 – 951.
[32211]:في ب: لقوله. وهو تحريف.
[32212]:من قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} [النساء: 58].
[32213]:من قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون} [الأنفال: 27].
[32214]:انظر الكشاف 3/43.
[32215]:ما: سقط من ب.
[32216]:من قوله تعالى: {الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار} [آل عمران 183]. وانظر الفخر الرازي 23/82.
[32217]:في النسختين البضائع، والصواب ما أثبته.
[32218]:في الأصل: وعلى.
[32219]:انظر البغوي 6/ 7 – 8.
[32220]:القائم: سقط من ب.
[32221]:الفخر الرازي 23/82.