المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَا جَرَمَ أَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ هُمُ ٱلۡأَخۡسَرُونَ} (22)

22- حقاً ، إنهم في الآخرة أشد الناس خُسراناً .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَا جَرَمَ أَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ هُمُ ٱلۡأَخۡسَرُونَ} (22)

وقوله { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخرة هُمُ الأخسرون } زيادة فى تأكيد خسرانهم .

وكلمة { لاَ جَرَمَ } وردت فى القرآن الكريم فى خمسة مواضع . وفى كل موضع جاءت متلوة بأن واسمها .

وجمهور النحاة على أن هذه الكلمة مركبة من " لا " و " جرم " تركيب خمسة عشر ومعناها بعد هذا التركيب معنى الفعل : حق أو ثبت ، والجملة بعدها هى الفاعل لهذا الفعل .

أى : وثبت كونهم فى الآخرة هم الأخسرون .

ومن النحاة من يرى أن " لا " نافية للجنس و " جرم " اسمها وما بعدها خبرها .

والمعنى . لا محالة ولا شك فى أنهم فى الآخرة هم الأخسرون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَا جَرَمَ أَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ هُمُ ٱلۡأَخۡسَرُونَ} (22)

القول في تأويل قوله تعالى : { لاَ جَرَمَ أَنّهُمْ فِي الاَخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : حقا أن هؤلاء القوم الذين هذه صفتهم في الدنيا في الاَخرة هم الأخسرون ، الذين قد باعوا منازلهم من الجنان بمنازل أهل الجنة من النار وذلك هو الخسران المبين . وقد بينا فيما مضى أن معنى قولهم ، جَرَمْتُ : كسبت الذنب وأجرمته ، أن العرب كثر استعمالها إياه في مواضع الأيمان ، وفي مواضع «لا بدّ » كقولهم : لا جرم أنك ذاهب ، بمعنى : لا بد ، حتى استعملوا ذلك في مواضع التحقيق فقالوا : لا جرم ليقومنّ ، بمعنى : حقّا ليقومنّ ، فمعنى الكلام : لا منع عن أنهم ، ولا صدّ عن أنهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَا جَرَمَ أَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ هُمُ ٱلۡأَخۡسَرُونَ} (22)

{ لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون } لا أحد أبين وأكثر خسرانا منهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَا جَرَمَ أَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ هُمُ ٱلۡأَخۡسَرُونَ} (22)

و { لا جرم } لفظة مركبة من : { لا } ، ومن : { جرم } بنيتا . ومعنى { لا جرم } : حق . هذا مذهب سيبويه والخليل . وقال بعض النحويين : معناها : لا بد ولا شك ولا محالة وقد روي هذا عن الخليل . وقال الزجاج : { لا } رد عليهم ، ولما تقدم من كل ما قبلها ، و { جرم } معناه : كسب ، أي كسب فعلهم { أنهم في الآخرة هم الأخسرون } . فموضع «أن » على مذهب سيبويه رفع : وموضعها على مذهب الزجاج - نصب . وقال الكسائي معناها لا صد ولا منع .

قال القاضي أبو محمد : فكأن { جرم } على هذا من معنى القطع ، تقول : جرمت أي قطعت : وهي على منزع الزجاج من الكسب ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]

جريمتنا ناهض في رأس نيق*** ترى لعظام ما جمعت صليبا{[6297]}

وجريمة القوم كاسبهم .

وأما قول الشاعر جرير :

ولقد طعنت أبا أميمة طعنة*** جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا{[6298]}

فيحتمل الوجهين : ويختلف معنى البيت .

وفي { لا جرم } لغات : يقول بعض العرب : لا ذا جرم ، وبعضهم : لا أن ذا جرم ، وبعضهم : لا عن ذا جرم ، وبعضهم : لا جر ، حذفوا الميم لكثرة استعماله .


[6297]:- البيت لأبي خراش الهذلي يصف عُقابا ترزق في فرخها وتكسب له، فهي تقدم له ما يأكله من لحم طير أكلته، وبقيت عظامه يسيل منها الدهن، وجريمة بمعنى: كاسبة، قاله في اللسان. والنّيق: الطويل من الجبال، ورأس النّيق: أعلى موضع فيه. وهذا وقد سبق الاستشهاد به عند تفسير قوله تعالى: {ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام} الآية (2) من سورة (المائدة).
[6298]:-البيت منسوب في "اللسان" و"الصحاح" لأبي أسماء بن الضريبة. وقيل: إن البيت لعطية بن عفيف، والصواب فيه: "ولقد طعنت" بفتح التاء، لأنه يخاطب كرزا العقيلي ويرثيه، وقيل البيت: يا كرز إنك قد قتلت بفارس بطل إذا هاب الكُماة وجبّبوا وكان كرز قد طعن أبا عيينة، وهو حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، قال ذلك ابن برّي، ونقله في اللسان عنه، وجرم في هذا البيت تحتمل المعنيين كما قال ابن عطية رحمه الله. قال الأخفش: {لا جرم أن لهم النار} معناها: حق أن لهم النار، وأنشد: "جرمت فزارة"، يقول: حق لها، وفزارة مرفوعة، وقال الفراء: "وليس قول من قال: "جرمت: حققت" بشيء، وإنما لبّس عليهم الشاعر بقوله: "جرمت فزارة"، فرفعوا "فزارة" كأنه حق لها الغضب، قال: وفزارة منصوبة، أي: جرمتم الطعنة أن يغضبوا، قال أبو عبيدة: أحقت عليهم الغضب، أي: أحقت الطعنة فزارة أن يغضبوا" (راجع التاج واللسان والصحاح).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَا جَرَمَ أَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ هُمُ ٱلۡأَخۡسَرُونَ} (22)

جملة { لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون } مستأنفة فذلكة ونتيجة للجمل المتقدمة من قوله : { أولئك يعرضون على ربهم } [ هود : 18 ] لأنّ ما جمع لهم من الزج للعقوبة ومن افتضاح أمرهم ومن إعراضهم عن استماع النذر وعن النظر في دلائل الوحدانية يوجب اليقين بأنهم الأخسرون في الآخرة .

و ( لا جرم ) كلمة جزْم ويقين جرت مجرى المثل ، وأحسب أن ( جرم ) مشتقّ مما تنوسي ، وقد اختلف أيمّة العربية في تركيبها ، وأظهر أقوالهم أن تكون ( لا ) من أول الجملة و ( جرم ) اسم بمعنى محالة أي لا محالة أو بمعنى بدّ أي لا بدّ . ثم يجيء بعدها أنّ واسمها وخبرها فتكون ( أنّ ) معمولة لحرف جرّ محذوف . والتقدير : لا جرم من أن الأمر كذا . ولما فيها من معنى التحقيق والتوثيق وتعامل معاملة القسم فيجيء بعدها في ما يصلح لجواب قسم نحو : لا جرم لأفعلن . قاله عمرو بن معد يكرب لأبي بكر .

وعبر عمّا لحقهم من الضر بالخسارة استعارة لأنه ضر أصابهم من حيث كانوا يرجون المنفعة فهم مثل التجار الذين أصابتهم الخسارة من حيث أرادوا الربح .

وإنما كانوا أخسرين ، أي شديدي الخسارة لأنهم قد اجتمع لهم من أسباب الشقاء والعذاب ما افترق بين الأمم الضالة . ولأنهم شقُوا من حيث كانوا يحسبونه سعادة قال تعالى : { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً } [ الكهف : 103 ، 104 ] فكانوا أخسرين لأنهم اجتمعت لهم خسارة الدنيا والآخرة .

وضمير { هم الأخسرون } ضمير فصل يفيد القصر ، وهو قصر ادّعائي ، لأنهم بلغوا الحد الأقصى في الخسارة ، فكأنّهم انفردوا بالأخسرية .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{لَا جَرَمَ أَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ هُمُ ٱلۡأَخۡسَرُونَ} (22)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{لا جرم}: حقا، {أنهم في الآخرة هم الأخسرون}...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: حقا أن هؤلاء القوم الذين هذه صفتهم في الدنيا في الآخرة هم الأخسرون، الذين قد باعوا منازلهم من الجنان بمنازل أهل الجنة من النار وذلك هو الخسران المبين. وقد بينا فيما مضى أن معنى قولهم، جَرَمْتُ: كسبت الذنب وأجرمته، أن العرب كثر استعمالها إياه في مواضع الأيمان، وفي مواضع «لا بدّ» كقولهم: لا جرم أنك ذاهب، بمعنى: لا بد، حتى استعملوا ذلك في مواضع التحقيق فقالوا: لا جرم ليقومنّ، بمعنى: حقّا ليقومنّ، فمعنى الكلام: لا منع عن أنهم، ولا صدّ عن أنهم.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

قال الفرّاء: معناها لابدّ ولا محالة {أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ} يعني من غيرهم.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

...معنى {لا جرم}: حق... وقال بعض النحويين: معناها: لا بد ولا شك ولا محالة... وقال الزجاج: {لا} رد عليهم... و {جرم} معناه: كسب، أي كسب فعلهم {أنهم في الآخرة هم الأخسرون}... وقال الكسائي: معناها: لا صد ولا منع...

فكأن {جرم} على هذا من معنى القطع، تقول: جرمت أي:قطعت...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

الصفة الرابعة عشرة: قوله: {لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون} وتقريره ما تقدم، وهو أنه لما أعطى الشريف الرفيع ورضي بالخسيس الوضيع فقد خسر في التجارة. ثم لما كان هذا الخسيس بحيث لا يبقى بل لا بد وأن يهلك ويفنى انقلبت تلك التجارة إلى النهاية في صفة الخسارة...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

يخبر تعالى عن حالهم أنهم أخسر الناس صفقة في الدار الآخرة؛ لأنهم استبدلوا بالدركات عن الدرجات، واعتاضوا عن نعيم الجنان بحميم آن، وعن شرب الرحيق المختوم، بَسمُوم وحميم، وظِلٍّ من يحموم، وعن الحور العين بطعام من غِسْلين، وعن القصور العالية بالهاوية، وعن قرب الرحمن، ورؤيته بغضب الديان وعقوبته، فلا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

فلذلك قال: {لا جرم} أي لا شك {أنهم} أي هؤلاء الذين بالغوا في إنكار الآخرة {في الآخرة} ولما كان المقام جديراً بالمبالغة في وصفهم بالخسارة، أعاد الضمير فقال: {هم} أي خاصة {الأخسرون} أي الأكثرون خسراناً من كل من يمكن وصفه بالخسران...

تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :

{لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون} كلمة "لا جرم "تفيد التحقيق والتأكيد لما بعدها...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

إنما كانوا أخسرين، أي شديدي الخسارة لأنهم قد اجتمع لهم من أسباب الشقاء والعذاب ما افترق بين الأمم الضالة. ولأنهم شقُوا من حيث كانوا يحسبونه سعادة قال تعالى: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً} [الكهف: 103، 104] فكانوا أخسرين لأنهم اجتمعت لهم خسارة الدنيا والآخرة...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وفي نهاية الآية بيان الحكم النهائي لمآلهم وعاقبتهم بهذا التعبير (لا جرم أنّهم في الآخرة هم الأخسرون). والسبب واضح؛ لأنّهم حُرموا من نعمة السمع الحاد والبصر النافذ، وخَسِروا كلّ إِنسانيتهم ووجودهم، ومع هذه الحال فقد حملوا أثقالَ مسؤوليتهم وأثقال الآخرين مع أثقالهم...