فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَا جَرَمَ أَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ هُمُ ٱلۡأَخۡسَرُونَ} (22)

{ لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون } قال الخليل وسيبويه : لا جرم بمعنى حق فهي عندهما بمنزلة كلمة واحدة وبه قال الفراء ، وروي عن الخليل والفراء أنها بمنزلة قولك لا بد ولا محالة ثم كثر استعمالها حتى صارت بمنزلة حقا .

وقال الزجاج : إن جرم بمعنى كسب وفاعله مضمر أي كسب ذلك الفعل لهم الخسران وإن منصوبة بجرم .

قال الأزهري : وهذا من أحسن ما نقل في هذه اللغة ، وقال الكسائي : معنى لا جرم لا صد ولا منع وقال جماعة من النحويين : إن معنى لا جرم لا قطع قاطع قالوا والجرم القطع وقد جرم النخل واجترمه أي قطعه .

ووردت هذه اللفظة في القرآن في خمسة مواضع متلوة بأن واسمها ولم يجيء بعدها فعل ويقال في كل واحد منها ما قيل هنا ، لغات بكسر الجيم وبضمها ولا جر بحذف الميم ولا إن ذا جرم ولا ذو جرم وغير ذلك :

وفي هذه الآية بيان أنهم قد بلغوا في الخسران إلى حد يتقاصر عنه غيرهم ولا يبلغ إليه وهذه الآيات مقررة لما سبق من نفي المماثلة بين من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها وبين من كان على بينة من ربه .