المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب  
{رَبُّ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ وَرَبُّ ٱلۡمَغۡرِبَيۡنِ} (17)

17- رب مشرقي الشمس في الصيف والشتاء ، ورب مغربيها فيهما{[212]} .


[212]:قد يكون المراد هناك مشرقي الشمس والقمر ومغربيهما، ومن ثم تكون الإشارة إلى آية الليل وآية النهار، انظر أيضا التعليق العلمي على الآيات 71، 72، 73، من سورة القصص، التي تبدأ بقوله تعالى: {قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة}. ويصح أيضا أن تكون الإشارة هنا إلى الشمس وحدها ـ وهي عماد الحياة في هذا الكوكب الأرضي ـ فيكون المقصود هو مشرق الشتاء ومغربه ومشرق الصيف ومغربه، كما ذهب كثير من المفسرين. وترجع هذه الظاهرة إلى ميل محور دوران الأرض على مستوى مدارها حول الشمس بمقدار 5و523 درجة، لذلك فإن النصف الشمالي من الكرة الأرضية مثلا يميل نحو الشمس في الصيف فيطول النهار ويقصر الليل حتى يبلغ ذلك أقصى مداه، فتظهر الشمس مشرقة أو غاربة على أقصى بعد شمالي من المشرق والمغرب الصادقين ثم تقفل راجعة يوما بعد يوم حتى تبلغ المشرق والمغرب الصادقين عند الاعتدال الخريفي ثم يأخذ هذا النصف في الميل عن الشمس، فيطول الليل ويقصر النهار وتستمر الشمس في تأخرها الظاهري نحو الجنوب حتى تبلغ مدى بعدها إلى الجنوب في قمة الشتاء ثم ترتد إلى الشمال يوما بعد يوم حتى تبلغ المشرق والمغرب الصادقين في الاعتدال الربيعي، وهكذا، ويصدق عكس هذا جميعه في نصف الكرة الجنوبي، كما أن هذه الظواهر تبدو بصورة متطرفة كلما اقتربنا من أقصى الشمال أو أقصى الجنوب. ولا شك أن في هذا التدبير المحكم صلاحا لأحوال الأحياء على الأرض، إذ منه تحدث الفصول المناخية وما يترتب عليها من مواسم الزرع والحصاد وكافة صور التباين الموسمي في نشاط الإنسان والحيوان والنبات.