مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{رَبُّ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ وَرَبُّ ٱلۡمَغۡرِبَيۡنِ} (17)

ثم قال تعالى : { رب المشرقين ورب المغربين ، فبأي آلاء ربكما تكذبان } وفيه وجوه أولها مشرق الشمس والقمر ومغربهما ، والبيان حينئذ في حكم إعادة ما سبق مع زيادة ، لأنه تعالى لما قال : { الشمس والقمر بحسبان } دل على أن لهما مشرقين ومغربين ، ولما ذكر : { خلق الإنسان علمه البيان } دل على أنه مخلوق من شيء فبين أنه الصلصال ( الثاني ) مشرق الشتاء ومشرق الصيف فإن قيل : ما الحكمة في اختصاصهما مع أن كل يوم من ستة أشهر للشمس مشرق ومغرب يخالف بعضها البعض ؟ نقول : غاية انحطاط الشمس في الشتاء وغاية ارتفاعها في الصيف والإشارة إلى الطرفين تتناول ما بينهما فهو كما يقول القائل في وصف ملك عظيم له المشرق والمغرب ويفهم أن له ما بينهما أيضا ( الثالث ) التثنية إشارة إلى النوعين الحاصرين كما بينا أن كل شيء فإنه ينحصر في قسمين فكأنه قال : رب مشرق الشمس ومشرق غيرها فهما مشرقان فتناول الكل ، أو يقال : مشرق الشمس والقمر وما يغرض إليهما العاقل من مشرق غيرهما فهو تثنية في معنى الجمع .