مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

{ إنّا أنذرناكم } أيها الكفار { عذاباً قريباً } في الآخرة لأن ما هو آتٍ قريب { يَوْمَ ينظُرُ المرءُ } الكافر لقوله : { إنا أنذرناكم عذاباً قريباً } { ما قدّمت يداه } من الشر لقوله : { وذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم } [ الأنفال : 50-51 ] . وتخصيص الأيدي لأن أكثر الأعمال تقع بها وإن احتمل أن لا يكون للأيدي مدخل فيما ارتكب من الآثام { وَيقولُ الكَافِرُ } وضع الظاهر موضع المضمر لزيادة الذم ، أو المرء عام وخص منه الكافر وما قدمت يداه ما عمل من خير وشر ، أو هو المؤمن لذكر الكافر بعده وما قدم من خير . و«ما » استفهامية منصوبة ب { قدمت } أي ينظر أي شيء قدمت يداه ، أو موصولة منصوبة ب { ينظر } يقال : نظرته يعني نظرت إليه والراجع من الصلة محذوف أي ما قدمته { يا ليتني كنت تراباً } في الدنيا فلم أخلق ولم أكلف أوليتني كنت تراباً في هذا اليوم فلم أبعث . وقيل : يحشر الله الحيوان غير المكلف حتى يقتص للجماء من القرناء ثم يرده تراباً ، فيود الكافر حاله . وقيل : الكافر إبليس يتمنى أن يكون كآدم مخلوقاً من التراب ليثاب ثواب أولاده المؤمنين ، والله أعلم .