محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ٱلَّذِينَ يَجۡعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (96)

[ 96 ] { الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون 96 } .

{ الذين يجعلون مع الله إلها آخر } وصفهم بذلك ، تسلية له عليه الصلاة والسلام ، وتهوينا للخطب عليه ، بأنهم أصحاب تلك الجريمة العظمى ، التي هي أكبر الكبائر ، التي سيخلدون بسببها . كما قال { فسوف يعلمون } أي عاقبة أمرهم . وقد جوز في الموصول أن يكون صفة ( للمستهزئين ) ومنصوبا بإضمار فعل . ومرفوعا بتقدير ( هم ) . وفي الآية وعيد شديد لمن جعل معه تعالى معبودا آخر . وقد أشار كثير من المفسرين إلى أن قوله تعالى : { إنا كفيناك المستهزئين } عني به ما عجله من إهلاكهم ، كما روى ابن إسحاق عن عروة : " أن عظماء المستهزئين كانوا خمسة نفر ، وكانوا ذوي أسنان وشرف في قومهم : من بني أسد أبو زمعة ، كان النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه . فقال : " اللهم ! أعم بصره وأثكله ولده " . ومن بني زهرة الأسود . ومن بني مخزوم الوليد بن المغيرة . ومن بني سهم العاص بن وائل . ومن خزاعة الحارث . فلما تمادوا في الشر وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء ، أنزل الله تعالى{[5201]} : { فاصدع بما تؤمر } إلى قوله : { فسوف يعلمون } قال ابن إسحاق عن عروة : " إن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت ، فقام وقام رسول الله إلى جنبه ، فمر به الأسود فأشار إلى بطنه فاستسقى بطنه فمات منه . ومر به الوليد فأشار إلى أثر جراح بأسفل كعب رجله ، كان أصابه قبل ذلك بسنتين ، فانتقض به فقتله . ومر به العاص بن وائل فأشار إلى أخمص قدمه ، فخرج على حمار يريد الطائف فربض على شبرقة فدخلت في أخمص قدمه . ومر به الحارث فأشار إلى رأسه فامتخط قيحا فقتله " . انتهى .

ومثله ما رواه ابن مسعود {[5202]} قال : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نصلي في ظل الكعبة ، / وناس من قريش وأبو جهل قد نحروا جزورا في ناحية مكة : فبعثوا فجاءوا بسلاها وطرحوه بين كتفيه وهو ساجد . فجاءت فاطمة فطرحته عنه . فلما انصرف قال : اللهم ! عليك بقريش وبأبي جهل وعتبة وشيبة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط .

قال ابن مسعود رضي الله عنه : فلقد رأيتهم قتلى في قليب بدر " .


[5201]:[15 / الحجر / 94].
[5202]:أخرجه البخاري في : 4- كتاب الوضوء، 69- باب إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة، حديث 179. وأخرجه مسلم في : 32- كتاب الجهاد والسير، 39- باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين المنافقين حديث 107 (طبعتنا)..