محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يُنۢبِتُ لَكُم بِهِ ٱلزَّرۡعَ وَٱلزَّيۡتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلۡأَعۡنَٰبَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (11)

[ 11 ] { ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون 11 } .

{ ينبت } أي الله عز وجل : { لكم به الزرع } أي الذي فيه قوت الإنسان { والزيتون } أي الذي فيه إدامه { والنخيل والأعناب } أي اللذين فيهما ، مع ذلك ، مزيد التلذذ { ومن كل الثمرات } أي يخرجها بهذا الماء الواحد ، على اختلاف صنوفها وطعومها وألوانها وروائحها . ولهذا قال : { إن في ذلك } أي في إنزال الماء وإنبات ما فصّل : { لآية لقوم يتفكرون } أي دلالة وحجة على وحدانيته تعالى . كما قال سبحانه{[5234]} : { أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها ، أإله مع الله بل هم قوم يعدلون } .

قال أبو السعود وأصله للرازي في شرح كون ما ذكر حجة : فإن من تفكر في أن الحبة أو النواة تقع في الأرض وتصل إليها نداوة تنفذ فيها فينشق أسفلها فيخرج منه عروق تنبسط في أعماق الأرض وينشق أعلاها وإن كانت منتسكة في الوقوع . ويخرج منه ساق فينمو ويخرج منه الأوراق والأزهار والحبوب والثمار المشتملة على أجسام مختلفة الأشكال والألوان والخواص والطبائع ، وعلى نواة قابلة لتوليد الأمثال على النمط المحرر ، لا إلى نهاية . ع اتحاد المواد واستواء نسبة الطبائع السفلية والتأثيرات العلوية ، بالنسبة إلى الكل علم أن من هذه أفعاله وآثاره ، لا يمكن أن يشبهه شيء ، في شيء من صفات الكمال . فضلا عن أن يشاركه أخس الأشياء في أخص صفاته ، التي هي الألوهية واستحقاق العبادة . تعالى عن ذلك علوا كبيرا . وحيث افتقر سلوك هذه الطريقة إلى ترتيب المقدمات الفكرية ، قطع الآية الكريمة بالتفكر . انتهى .


[5234]:[27 / النمل / 60].