محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قَالَ أَفَتَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمۡ شَيۡـٔٗا وَلَا يَضُرُّكُمۡ} (66)

{ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } ، أي قبح صنيعكم في عبادة ما لا يضر ولا ينفع .

تنبيه :

ذكر في ( الكشاف ) في قوله تعالى : { ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ } أربعة أوجه . وحاصلها كما في ( العناية ) – أن التنكيس قلب الشيء بجعل أعلاه أسفله . فإما أن يستعار للرجوع عن الفكرة المستقيمة في تظليم أنفسهم ، إلى الفكرة الفاسدة في تجويز عبادتها ، مع عجزها فضلا عن كونها في معرض الألوهية .

فقوله : { لقد علمت } معناه لم يخف علينا وعليك أنها كذلك وأنا اتخذناها آلهة مع العلم به . والدليل عليه قوله : { أفتعبدون } الخ ، أو أن التنكيس الرجوع عن الجدال الباطل إلى الحق في قولهم : { لقد علمت } لأنه نفي لقدرتها واعتراف بأنها لا تصلح للألوهية ، وسمي ( نكسا ) وإن كان حقا ، لأنه ما أفادهم مع الإصرار . ولكنه نكس بالنسبة لما كانوا عليه من الباطل . أو النكس مبالغة في الحيرة وانقطاع الحجة . و { أف } صوت إذا صوت به علم أن صاحبه متضجر . وفيه لغات كثيرة كما في كتب اللغة . قال الزمخشري : أضجره ما رأى من ثباتهم على عبادتها بعد انقطاع عذرهم وبعد وضوح الحق وزهوق الباطل ، فتأفف بهم . ولما عجزوا عن المحاجة أخذوا في المضارة ، شأن المبطل إذا قرعت شبهته بالحجة لم يكن أحد أبغض إليه من المحق . ولم يبق له مفزع إلا مناصبته .