محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قُلۡ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِۚ وَلَا يَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ} (45)

{ قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ } .

{ قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ } أي تنزيل الله الذي يوحيه إلي من عنده ، وأخوفكم به بأسه ، لا بالإتيان بما تستعجلون ، لأن ذلك ليس إلي ، على ما فيه من الحكمة في هذه البعثة التي بنيت على البراهين العقلية ، لا الخارقات الحسية كما قدمنا . ثم أشار إلى كمال جهلهم وعنادهم ، بأن هذا الإنذار لا يجديهم ، بقوله تعالى : { وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ } أي فهم لا يصغون بسمع قلوبهم إلى ما تذكر ما في وحي الله من المواعظ والذكرى ، فيتذكرون بها ويعتبرون فينزجرون إذا تلي عليهم ، بل يعرضون عن الاعتبار به والتفكير فيه ، فعل الأصم الذي لا يسمع ما يقال له فيعمل به . وتقييد تصامهم بقوله : { إِذَا مَا يُنذَرُونَ } مع أنهم لا يسمعون نذارة ولا بشارة ، إما لأن المقام مقام إنذار ، أو لأن من لا يسمع إذا خوف ، كيف يسمع في غيره ، فهو أبلغ .