محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا} (71)

{ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ } أي بإمداد الصلاح والكمالات والفضائل عليكم . لأنه لا يصح عمل ما بدون الصدق أصلا . وبه يصلح كل عمل { وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } أي ويجعلها مكفرة باستقامتكم في القول والعمل . فإن الحسنات يذهبن السيئات { وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي في الأوامر والنواهي التي من جملتها هذه التشريعات { فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } أي في الدارين .

وقال القاشاني : أي فاز بالتحلية والاتصاف بالصفات الإلهية ، وهو الفوز العظيم .

تنبيه :

قال الزمخشري : المراد نهيهم عما خاضوا فيه من حديث زينب من غير قصد وعدل في القول .

والبعث على أن يسد قولهم كل باب . لأن حفظ اللسان وسداد رأس الخير كله . وهذه الآية مقررة للتي قبلها . بنيت تلك على النهي عما يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه على الأمر باتقاء الله تعالى في حفظ اللسان ، ليترادف عليهم النهي والأمر ، مع اتباع النهي ما يتضمن الوعيد من قصة موسى عليه السلام . واتباع الأمر الوعد البليغ ، فيقوي الصارف عن الأذى الداعي إلى تركه . انتهى .

ولك أن تضم إلى المراد من الآية الذي ذكره ، مرادا آخر . وهو نهيهم أيضا عما خاض فيه المنافقون من التعويق والتثبيط وبث الأراجيف في غزوة الأحزاب ، المتقدمة أوائل السورة وبالجملة ، فالسياق يشمل ذينك وغيرهما . إلا أن الذي يراعى أولا ، هو ما كان التنزيل لأجله . وذلك ما ذكر .