محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الجزء الرابع عشر

ويشتمل على تفسير سورة سبأ إلى سورة الجاثية

34- سورة سبأ

سميت بها لتضمن قصتها أية تدل على نعيم الجنة في السعة وعدم الكلفة والخلو عن الآفة ، وتبدلها بالنقم ، لمن كفر بالمنعم . . وهذا من أعظم مقاصد القرآن . قاله المهايميّ . وهي مكية . واستثنى منها{[1]} { ويرى الذين أوتوا العلم } الآية . وروى الترمذي{[2]} عن فروة بن مسيك المراديّ قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : ( يا رسول الله ! ألا أقاتل من أدبر من قومي ؟ ) الحديث . وفيه : وأنزل في سبأ ما أنزل . فقال رجل : ( يا رسول الله ! وما سبأ ؟ ) الحديث .

قال ابن الحصار : هذا يدل على أن هذه القصة مدنية . لأن مهاجرة فروة بعد إسلام ثقيف سنة تسع .

قال : ويحتمل أن يكون قوله ( وأنزل ) حكاية عما تقدم نزوله قبل هجرته . أفاده في ( الإتقان ) وآيها أر بع وخمسون .

بسم الله الرحمن الرحيم

{ الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير ( 1 ) } .

{ الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض } خلقا وملكا ، وتصرفا بما شاء { وله الحمد في الآخرة } أي في النشأة الآخرة . قال الشهاب : السماوات والأرض عبارة عن هذا العالم بأسره . وهو يشتمل على النعم الدنيوية . فعلم من التوصيف بقوله { الذي } الخ ، أنه محمود على نعم الدنيا . ولما قيّد الثاني بكونه في الآخرة ، علم أن الأول محله الدنيا فصار المعنى : أنه المحمود على نعم الدنيا فيها ، وعلى نعم الآخرة فيها . أو هو من باب الاحتباك . وأصله : الحمد لله الخ في الدنيا ، وله ما في الآخرة والحمد فيها . فأثبت في كل منها ما حذف من الآخرة . وقوله : { وله الحمد } معطوف على الصلة ، أو اعتراض ، إن كانت جملة { يعلم } حالية { وهو الحكيم } أي الذي أحكم أمور الدارين ودبرها بحكمته { الخبير } أي بخلقه وأعمالهم وسرائرهم ،


[1]:(4 النساء 15 و 16).
[2]:(24 النور 2).