تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الدخان مكية وآياتها تسع وخمسون ، نزلت بعد سورة الزخرف . وهي كباقي السور المكية تُعنى بالتوحيد والبعث والرسالة ، لتركيز العقيدة ، وتثبيت دعائم الإيمان بالله الواحد الأحد . ويكاد سياق السورة يكون كله وحدة متماسكة في الحديث عن مشهد يوم القيامة ، ومصارع الغابرين ، والمشهد الكونيّ ، ثم تقريع المشركين ، وإنذارهم بحلول الجدْب والقحط بهم . وهو يذكّرهم بقصص فرعون وقوم موسى عليه السلام وكيف أنجى الله المؤمنين ، وأهلكَ الكافرين .

وتبدأ السورة بالحديث عن القرآن الكريم وتنزيله في ليلة مباركة ، فيها يُفرق كل أمر حكيم ، والقرآن رأس الحكمة ، والفيصل بين الحق والباطل . وهو رحمة من الله لعباده ، وفيه إنذار لهم وتحذير . وبعد ذلك يأتي تعريف للناس بربهم ، رب السموات والأرض وما بينهما وإثبات الوحدانية له وأنه هو المحيي والمميتُ ربّ الأولين والآخرين .

وقد سميت { سورة الدخان } لقوله تعالى : { فارتقبْ يوم تأتي السماء بدخان مبين ، يَغشى الناسَ ، هذا عذاب أليم } وذلك من علامات الساعة ، كما ورد في صحيح مسلم : " لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها والدخان . . . الخ " .

وتتحدث السورة عن الله ، الخالق المدبّر ، الحكيم المشرف على هذا الكون بالحفظ والرعاية ، ثم عن مصارع المكذّبين من الأمم السابقة ، تحذيرا لكفار قريش من أن يَنالهم مثلُها . وتأتي السورة من قصة فرعون وما حلّ به من الهلاك والدمار ، ثم تؤكد بآياتها المشرقة أن يوم القيامة هو موعدُ فرق الكفر والضلال جميعا ، وتصف ما ينال المهتدين المؤمنين من نعيم في جنات وعيون ، يَدْعون فيها بكل فاكهة آمنين ، كل ذلك فضل من الله العظيم الرحيم ، { ذلك هو الفوز العظيم } .

ثم تختم السورة كما بدئت بالحديث عن القرآن الكريم : { فإنما يسّرناه بلسانك لعلهم يتذكرون } وبالتهديد الشديد للمكذبين المترفين . { فارتقبْ إنهم مرتقبون } وهكذا يتناسق البدء والختام .

حم : تقرأ هكذا حاميم : من الحروف الصوتية ، وقد تكلّمنا عن هذا الأسلوب والغرض منه .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية ، وآياتها تسع وخمسون . وهي كغيرها من السور المكية من حيث السمات الوجدانية ، والتأثير الشديد ، ومن حيث الطابع الذاتي النافذ إلى أعماق المشاعر والقلوب وهي في جملة آياتها وعباراتها وألفاظها وما يجلل ذلك من عجائب النغم وشديد الإيقاع وما تقضي إليه الآيات من خواتيم مميزة مصطفاة-كل ذلك يشده الحسّ ويقرع القلب وينفذ إلى الوجدان أيما نفاذ . ويأتي في طليعة هاتيك المعاني الحقائق والأفكار ، ما سميت به السورة وهو الدخان ، وذلك في قوله : { فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين 10 يغشى الناس هذا عذاب أليم } وظهور الدخان ليغطي الآفاق علامة مثيرة من علامات الساعة التي تنبه الأذهان إلى أن الطامة قد أزفت . ثم يعقب ذلك البطشة الكبرى وهي الساعة بذاتها المذهلة ، وفظاعتها المزلزلة .

وفي السورة بيان بأهوال جهنم وهي كثيرة وفظيعة ومريعة . ومن جملة ذلك الزقوم ، هذا الطعام الخبيث الشنيع في منظره ومذاقه وهو طعام أهل النار يقسرون على أكله قسرا . وغير ذلك من الأخبار والمواعظ والمشاهد التي تضمنتها هذه السورة الكريمة .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ حم 1 والكتاب المبين 2 إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين3 فيها يفرق كل أمر حكيم 4 أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين 5 رحمة من ربك إنه هو السميع العليم 6 رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين7 لا إلاه إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين } .

يقال في { حم } ما قيل في فواتح بعض السور من حروف التهجي المقطعة ، فالله جل وعلا أعلم بحقيقة المراد من ذلك .