تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۖ هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (22)

عالمَ الغيب : كل ما غاب عن حواسنا من العوالم التي لا نراها .

الشهادة : ما حضر من الأجرام المادية التي نشاهدها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۖ هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (22)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

فوحد الرب نفسه، فقال: {هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب} يعني غيب ما كان وما يكون.

{والشهادة} يعني شهادته بالحق في كل شيء.

{هو الرحمن الرحيم} اسمان رقيقان، أحدهما أرق من الآخر.

فلما ذكر {الرحمن الرحيم}، قال مشركون العرب: ما نعرف الرحمن الرحيم إنما اسمه الله. فأراد الله تعالى أن يخبرهم أن له أسماء كثيرة، فقال: {هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم} اسم الرب، تعالى، هو الله وتفسير الله: اسم الربوبية القاهر لخلقه وسائر أسمائه على فعاله...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: الذي يتصدع من خشيته الجبل أيها الناس، هو المعبود الذي لا تنبغي العبادة والألوهية إلا له، عالم غيب السموات والأرض، وشاهد ما فيهما مما يرى ويحسّ.

"هُوَ الرّحْمَنُ الرّحِيمُ" يقول: هو رحمن الدنيا والآخرة، رحيم بأهل الإيمان به...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{عالم الغيب والشهادة} قيل فيه بوجوه ثلاثة:

أحدها: أنه عالم بما غاب عن الخلق وبما شهدوا.

...

...

...

...

...

...

...

والثالث: أنه عليم بما قد كان وبكيفيته أن كيف يكون إذا كان.

{هو الرحمن الرحيم} فيها اسمان مشتقان من الرحمة. وفي هذه الآية بيان وجوه أربعة:

أحدها: فيه بيان التوحيد، وهو قوله تعالى: {هو الله الذي لا إله إلا هو} اسم المعبود أن كل معبود دونه باطل.

والثاني: أن فيه تنبيها وتحذيرا بأن يتذكر الإنسان في جميع أحواله اطلاع الله تعالى عليه وعلمه فيه، وذلك من قوله تعالى: {عالم الغيب والشهادة}.

والثالث: فيه ترغيب في رحمته، وإخبار لهم أن كل نعمة لهم في الدنيا والآخرة من الله تعالى؛ إذ في قوله عز وجل {هو الرحمن الرحيم}.

والرابع ما ذكرنا في قوله: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ...}

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} وهي ما علموه وشاهدوه، وقال الحسن: يعني السرّ والعلانية...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{هو الله الذي لا إله إلا هو} كان جابر بن زيد يرى أن اسم الله الأعظم هو الله، لمكان هذه الآية.

{عالم الغيب والشهادة} فيه أربعة أقاويل:

الثالث: عالم ما يدرك وما لا يدرك من الحياة والموت والأجل والرزق.

الرابع: عالم بالآخرة والدنيا، قاله سهل.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

{عالم الغيب والشهادة} ففي الوصف بها بين كونه عالما بجميع المعلومات، لأنها لا تعدو هذين القسمين.

وقوله: {هو الرحمن} يعني المنعم على جميع خلقه.

{الرحيم} بالمؤمنين، ولا يوصف بالرحمن سوى الله تعالى، وأما الرحيم، فإنه يوصف به غيره تعالى.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

لما قال تعالى: {من خشية الله} [الحشر: 21] جاء بالأوصاف التي توجب لمخلوقاته هذه الخشية،...

أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :

وتقديم الغيب لتقدمه في الوجود وتعلق العلم القديم به...

لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن 741 هـ :

{هو الرحمن الرحيم} اسمان مشتقان اشتقاقهما من الرحمة وهما صفتان لله تعالى ومعناهما ذو الرحة، ورحمة الله إرادته الخير والنعمة والإحسان إلى خلقه، وقيل إن الرحمن أشد مبالغة من الرحيم، ولهذا قيل هو رحمن الدنيا ورحيم الآخرة، لأن إحسانه تعالى في الدنيا يعم المؤمن والكافر، وفي الآخرة يختص إحسانه وإنعامه بالمؤمنين.

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

قال الراغب: الشهود والشهادة الحضور مع المشاهدة إما بالبصر أو بالبصيرة، وقد يعتبر الحضور مفرداً لكن الشهود بالحضور المجرد أولى والشهادة مع المشاهدة أولى، وحمل الغيب على المطلق هو المتبادر،، فيشمل كل غيب واجباً كان أو ممكناً موجوداً أو معدوماً أو ممتنعاً لم يتعلق به علم مخلوق.

وذكر الشهادة مع أنه إذا كان كل غيب معلوماً له تعالى كان كل شهادة معلوماً له سبحانه بالطريق الأولى من باب قوله عز وجل: {لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا} [الكهف: 49]،

وتقديم الغيب لأن العلم به كالدليل على العلم بالشهادة، وقيل: لتقدمه على الشهادة، فإن كل شهادة كان غيباً، وما برز ما برز إلا من خزائن الغيب، وصاحب القيل الأخير يقول: إن تقديم الغيب لتقدمه في الوجود وتعلق العلم القديم به، واستدل بالآية على أنه تعالى عالم بجميع المعلومات.

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

{هو الرحمن الرحيم} أي المنعم بالنعم العامة والخاصة.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وأخيرا تجيء تلك التسبيحة المديدة بأسماء الله الحسنى؛ وكأنما هي أثر من آثار القرآن في كيان الوجود كله، ينطلق بها لسانه وتتجاوب بها أرجاؤه؛ وهذه الأسماء واضحة الآثار في صميم هذا الوجود وفي حركته وظواهره، فهو إذ يسبح بها يشهد كذلك بآثارها ولكل اسم من هذه الأسماء الحسنى أثر في هذا الكون ملحوظ، وأثر في حياة البشر ملموس. فهي توحي إلى القلب بفاعلية هذه الأسماء والصفات. فاعلية ذات أثر وعلاقة بالناس والأحياء. وليست هي صفات سلبية أو منعزلة عن كيان هذا الوجود، وأحواله وظواهره المصاحبة لوجوده. فتتقرر في الضمير وحدانية الاعتقاد، ووحدانية العبادة، ووحدانية الاتجاه، ووحدانية الفاعلية من مبدأ الخلق إلى منتهاه. ويقوم على هذه الوحدانية منهج كامل في التفكير والشعور والسلوك، وارتباطات الناس بالكون وبسائر الأحياء. وارتباطات الناس بعضهم ببعض على أساس وحدانية الإله... فيستقر في الضمير الشعور بعلم الله للظاهر والمستور. ومن ثم تستيقظ مراقبة هذا الضمير لله في السر والعلانية؛ ويعمل الإنسان كل ما يعمل بشعور المراقب من الله المراقب لله، الذي لا يعيش وحده، ولو كان في خلوة أو مناجاة! ويتكيف سلوكه بهذا الشعور الذي لا يغفل بعده قلب ولا ينام! فيستقر في الضمير شعور الطمأنينة لرحمة الله والاسترواح. ويتعادل الخوف والرجاء، والفزع والطمأنينة. فالله في تصور المؤمن لا يطارد عباده ولكن يراقبهم. ولا يريد الشر بهم بل يحب الهدى، ولا يتركهم بلا عون وهم يصارعون الشرور والأهواء.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

لما تكرر في هذه السورة ذكر اسم الله وضمائره وصفاته أربعين مرة منها أربع وعشرون بذكر اسم الجلالة وست عشرة مرة بذكر ضميره الظاهرِ، أو صفاته العلية. وكان ما تضمنته السورة دلائل على عظيم قدرة الله وبديع تصرفه وحكمته. وكان مما حوته السورة الاعتبارُ بعظيم قدرة الله إذْ أيد النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين ونصرَهم على بني النضير ذلك النصرَ الخارق للعادة، وذِكر ما حل بالمنافقين أنصارهم وأن ذلك لأنهم شاقُّوا الله ورسوله وقوبل ذلك بالثناء على المؤمنين بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم الذين نصروا الدّين، ثم الأمر بطاعة الله والاستعداد ليوم الجزاء، والتحذير من الذين أعرضوا عن كتاب الله ومن سوء عاقبتهم، وختم ذلك بالتذكير بالقرآن الدال على الخير، والمعرّف بعظمة الله المقتضية شدة خشيته، عقب ذلك بذكر طائفة من عظيم صفات الله ذات الآثار العديدة في تصرفاته المناسبة لغرض السورة زيادة في تعريف المؤمنين بعظمته المقتضية للمزيد من خشيته. وبالصفات الحسنى الموجبة لمحبته، وزيادةً في إرهاب المعاندين المعرضين من صفات بطشه وجبروته، ولذلك ذُكر في هذه الآيات الخواتم للسورة من صفاته تعالى ما هو مختلف التعلق والآثار للفريقين حظ مَا يليق به منها. وفي غضون ذلك كله دلائل على بطلان إشراكهم به أصنامهم. ولما كان شأن هذه الصفات عظيماً ناسب أن تفتتح الجملة بضمير الشأن، فيكون اسم الجلالة مبتدأ و {الذي لا إله إلا هو} خبر. وابتدئ في هذه الصفات العلية بصفة الوحدانية وهي مدلول {الذي لا إله إلا هو} وهي الأصل فيما يتبعها من الصفات. ولذلك كثر في القرآن ذكرها عقب اسم الجلالة كما في آية الكرسي، وفاتحة آل عمران. وثني بصفة {عالم الغيب} لأنها الصفة التي تقتضيها صفة الإلهية إذ علم الله هو العلم الواجب وهي تقتضي جميع الصفات وإنما ذكر من متعلقات علمه أمور الغيب لأنه الذي فارق به علمُ الله تعالى علمَ غيره، وذكر معه علم الشهادة للاحتراس تَوهُّم أنه يعلم الحقائق العالية الكلية فقط كما ذهب إليه فريق من الفلاسفة الأقدمين ولأن التعريف في {الغيب والشهادة} للاستغراق. أي كل غيب وشهادة، وذلك مما لا يشاركه فيه غيره. وهو علم الغيب والشهادة، أي الغائب عن إحساس الناس والمشاهد لهم. فالمقصود فيهما بمعنى اسم الفاعل، أي عالم ما ظهر للناس وما غاب عنهم من كل غائب يتعلق به العلم على ما هو عليه. والتعريف في {الغيب والشهادة} للاستغراق الحقيقي. وفي ذكر الغيب إيماء إلى ضلال الذين قصَروا أنفسهم على المشاهدات وكفروا بالمغيبات من البعث والجزاء وإرسال الرسل، أمّا ذكر علم الشهادة فتتميم على أن المشركين يتوهمون الله لا يطلع على ما يخفونه. قال تعالى: {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم} إلى قوله: {من الخاسرين} [فصلت: 22 -23]. وضمير {هو الرحمن الرحيم} ضمير فصل يفيد قصر الرحمة عليه تعالى لعدم الاعتداد برحمة غيره لقصورها قال تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء} [الأعراف: 156]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم « جعل الله الرحمة في مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً وأنزل في الأرض جزءاً واحداً. فمن ذلك الجُزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشيةَ أن تصيبه» وقد تقدم الكلام على {الرحمن الرحيم} في سورة [الفاتحة: 3]. ووجه تعقيب صفة عموم العلم بصفة الرحمة أن عموم العلم يقتضي أن لا يغيب عن علمه شيء من أحوال خلقه وحاجتهم إليه، فهو يرحم المحْتاجين إلى رحمته ويُهْمِل المعاندين إلى عقاب الآخرة، فهو رحمان بهم في الدنيا، وقد كثر إتباع اسم الجلالة بصفتي الرحمن الرحيم في القرآن كما في الفاتحة.

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

وختمت سورة "الحشر " بعقد نفيس من أسماء الله الحسنى يذكر المؤمنين بجملة من مظاهر ربوبيته، وآثار ألوهيته، في الآفاق وفي أنفسهم ثم يكون " مسك الختام " تسبيحا لله وتنزيها، على لسان جميع المخلوقات في الأرض وفي السماوات، وكما ابتدأت سورة " الحشر " هكذا: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم1}، تنتهي بنفس المعنى هكذا: {يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم24}

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

الآيات اللاحقة تستعرض قسماً مهمّاً من صفات جمال وجلال الله سبحانه، التي لكلّ واحدة منها الأثر العميق في تربية النفوس وتهذيب القلوب. وتحوي الآيات القرآنية الثلاثة خمسة عشر وصفاً لله سبحانه، أو بتعبير آخر فإنّ ثماني عشرة صفة من صفاته العظيمة تذكرها ثلاث آيات، وكلّ منها تتعلّق ببيان التوحيد الإلهي والاسم المقدّس، وتوضّح للإنسان طريق الهداية إلى العالم النوراني لأسماء وصفات الحقّ سبحانه

هنا وقبل كلّ شيء يؤكّد على مسألة التوحيد، التي هي أصل لجميع صفات الجمال والجلال، وهي الأصل والأساس في المعرفة الإلهية، ثمّ يذكر علمه بالنسبة للغيب والشهود. فلا مكان إذن خارج حدود علمه وحضوره، قال تعالى: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلاّ هو}. والتوجّه بهذا الفهم نحو الذات الإلهية يؤدّي بالإنسان إلى الإيمان بأنّ الله حاضر وناظر في كلّ مكان، وعندئذ يتسلّح بالتقوى، ثمّ يعتمد على رحمته العامّة التي تشمل جميع الخلائق: (الرحمن) ورحمته الخاصّة التي تخصّ المؤمنين، (والرحيم) لتعطي للإنسان أملا، ولتعينه في طريق بناء نفسه والتكامل بأخلاقه وسلوكه بالسير نحو الله، لأنّ هذه المرحلة الحياة الدنيا لا يمكن للإنسان أن يجتازها بغير لطفه، لأنّها ظلمات وخطر وضياع. وبهذا العرض بالإضافة إلى صفة التوحيد فقد بيّنت الآية الكريمة ثلاثة من صفاته العظيمة، التي كلّ منها تلهمنا نوعاً من المعرفة والخشية لله سبحانه.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۖ هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (22)

قوله { عالم الغيب والشهادة } السر والعلانية .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۖ هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (22)

{ عالم الغيب والشهادة } أي : يعلم ما غاب عن المخلوقين وما شاهدوه وقيل : الغيب الآخرة ، والشهادة الدنيا ، والعموم أحسن .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۖ هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (22)

ولما أعلى سبحانه أولياءه بأن فتح السورة بالإيمان{[64186]} بالغيب وهو العزيز الحكيم بعد التنزيه عن نقائص التعطيل وكل شائبة نقص وينزل لعباده في أسباب الصفات والأفعال إلى أن أوصلهم إلى محسوس الأمثال فتأهلوا للفناء في ذاته وما على من صفاته الموجبة لخشيته ، رقاهم إلى التفكر في تفصيل ما افتتح به ، فقال عادلاً عن أسلوب العظمة إلى أعظم منها بإسبال حجب العزة{[64187]} على منهاج الحكمة : { هو } أي الذي وجوده من ذاته فلا عدم له أصلاً{[64188]} بوجه من الوجوه ، فلا يستحق الوصف ب " هو " غيره لأنه الموجود دائماً أزلاً وأبداً ، فهو حاضر في كل ضمير غائب بعظمته عن كل حس ، فلذلك يتصدع الجبل من خشيته .

ولما عبر بأخص أسمائه ، أخبر عنه لطفاً بنا وتنزلاً{[64189]} لنا بأشهرها الذي هو مسمّي الأسماء كلها فقال : { الله } أي المعبود الذي لا ينبغي العبادة إلا له ، الذي بطن بما لم تحط{[64190]} ولا تحيط به{[64191]} العقول من نعوت الكبرياء والعظمة والإكرام ، فظهر بأفعاله{[64192]} التي لا تضاهى بوجه غاية الظهور ، فتميز غاية التميز ، فلم يلحقه شرك أصلاً في أمة{[64193]} من الأمم ولا نسمة من النسم ، قال الحرالي في شرح الأسماء : وهو لوه{[64194]} القلوب والعقول أي محارها{[64195]} الذي لا تدركه ، فلزم الخلق من توحيد اسم الإله ما حصل لهم من توحيد اسم الله من الأحدية الإحاطية - انتهى{[64196]}- فلذلك كان وصفه { الذي لا إله إلا هو } فإنه لا مجانس له ولا يليق ولا يصح ولا يتصور أن يكافئه أو يدانيه شيء والإله أول اسم الله فلذلك{[64197]} - لا يكون أحداً مسلماً إلا بتوحيده فتوحيده فرض وهو أساس كل فريضة{[64198]} ، وتوحيد سائر الأسماء نقل وهو أساس كل نافلة ، فمن وحد في{[64199]} الكل فقد كمل دينه وتمت النعمة عليه وإلا كان من الذين آمنوا ، فإن كان ذلك منه قولاً عصم من نار الأحكام على الأبدان في الدنيا ، وإن كان علماً تخلص من نار الهلع{[64200]} على النفوس في الدنيا ، وهو الجزع عند مس الشر{[64201]} ، والمنع والبخل{[64202]} عند مس الخير ، ولن يشهد التوحيد في هذه الكلمة التي مضمونها توحيد اسم الإله إحساناً إلا بعد إحصاء جميع الأسماء علماً{[64203]} ، قال الحرالي : والإله{[64204]} : التعبد وهو التذلل ، فمن توهم حاجته بشيء وتوهم أن عنده قوام حاجته تذلل له{[64205]} فكان تذلله له تألهاً{[64206]} ، {[64207]}وكل من عبد ما أحاط به عينه{[64208]} فقد خذل عقله عن تصحيح معنى الإله الذي يجب أن يكون غيباً{[64209]} ، فكان تصحيح معنى الإله{[64210]} أنه غيب قائم مستحق للعبادة والتذلل لأجل قيامه والاستغناء به .

ولما أخبر بتفرده ، دل عليه بآية استحقاقه لذلك ، فقال مقدماً لما هو متقدم في الوجود : { عالم الغيب } أي الذي غاب عن علم جميع خلقه .

ولما كان ربما ظن أن وصفه بالغيب أمر نسبي{[64211]} سمي غيباً بالنسبة لناس دون ناس ، دل بذكر الضد على أن المراد كل ما غاب وكل ما شهد فقال تعالى : { والشهادة } أي الذي وجد فكان بحيث يحسه{[64212]} ويطلع عليه بعض خلقه .

ولما تعالى في صفات العظمة ونعوت الجلال والكبر فبطن غاية البطون ، أخذ في رحمة العبادة{[64213]} بالتنزل لهم بالتعرف إليهم بعواطف الرحمة فقال بانياً الكلام على الضمير إعلاماً بأن المحدث عنه أولاً هو بعينه المحدث عنه ثانياً : { هو الرحمن } أي العام الرحمة ، قال الحرالي رحمه الله تعالى : والرحمة إجراء الخلق على ما يوافق حسبهم{[64214]} ويلائم خلقهم وخلقهم ومقصد أفئدتهم ، فإذا اختص ذلك{[64215]} بالبعض كان رحيمية{[64216]} ، وإذا استغرق كان رحمانية ، ولاستغراق{[64217]} معنى اسم الرحمن لم يكن لإتمام معناه وجود في الخلق ، فلم يجر بحق على أحد منهم فلذلك لحق اسمه الرحمن{[64218]} في معنى استغراقه{[64219]} - يعني باسم الله .

ولما كانت الرحيمية خاصة بما ترضاه الإلهية قال تعالى : { الرحيم * } أي ذو الرحمة العامة المسعدة{[64220]} في الظاهر والرحمة الخاصة المسعدة{[64221]} في الباطن ، قال الحرالي{[64222]} : الرحمة من الرحيم اختصاص من شملته الرحمانية بمزية ما أوثر به من الرحمة {[64223]}في مقابلة من آل أمره إلى نعمه ليجمع مقتضى الاسمين بين عموم الرحمانية واختصاص الرحيمية{[64224]} : ولما أظهر على الخلق خصوص الإيثار ، أجرى عليهم اسم الرحيم كرحمة الخلق أبناءهم . ولما كان حق{[64225]} اسم الرحيم إثبات رحمة{[64226]} غير مجذوذة{[64227]} ولم يكن ذلك للخلق لم يكن بالحقيقة الرحيم إلا الله الذي إذا اختص بالرحمة لم يحدها

{ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها {[64228]}والله سميع عليم }{[64229]}[ البقرة : 256 ] " إن الله لا ينزع العلم انتزاعاً بعد أن أعطاكموه "

{ وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ }[ هود : 108 ] فلذلك لا رحيم بالحقيقة إلا الله تحقيق{[64230]} علم كما أنه لا رحمان إلا الله بادي معنى{[64231]} .


[64186]:- زيد من ظ وم.
[64187]:- من م، وفي الأصل وظ: العز.
[64188]:- سقط من ظ وم.
[64189]:- من م، وفي الأصل وظ: تنزيلا.
[64190]:- زيد في الأصل: به الأفكار، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[64191]:-زيد من ظ وم.
[64192]:- من م، وفي الأصل وظ: من أفعال.
[64193]:- من م، وفي الأصل: أمته.
[64194]:- من ظ وم، وفي الأصل: أو.
[64195]:-زيد في الأصل وظ: أي، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[64196]:- زيد من ظ وم.
[64197]:- زيد من ظ وم.
[64198]:- من ظ وم، وفي الأصل: فرض.
[64199]:- زيد من ظ وم.
[64200]:- من م، وفي الأصل و ظ: الهامع.
[64201]:- من ظ وم، وفي الأصل: اضع-كذا.
[64202]:- من ظ وم، وفي الأصل: اضع-كذا.
[64203]:- زيد من م.
[64204]:- من ظ وم، وفي الأصل: يمينه
[64205]:-زيد من ظ وم.
[64206]:- من ظ وم، وفي الأصل: لقو***
[64207]:- زيد في الأصل وظ: هو و، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[64208]:- من ظ وم، وفي الأصل: يمينه.
[64209]:- من ظ وم، وفي الأصل: سببا.
[64210]:- في ظ وم: إله.
[64211]:- من ظ وم، وفي الأصل: سبي.
[64212]:- من ظ وم، وفي الأصل: يحثه.
[64213]:-من ظ وم، وفي الأصل: للعناد.
[64214]:- من ظ وم، وفي الأصل: مسهم.
[64215]:- من م، وفي الأصل وظ: بذلك.
[64216]:-من ظ وم، وفي الأصل: رحمه.
[64217]:- من ظ وم، وفي الأصل: لاستغراق.
[64218]:-زيد من ظ وم.
[64219]:- من ظ وم، وفي الأصل: لاستغراقه.
[64220]:- من ظ وم، وفي الأصل: المستعدة.
[64221]:- من ظ وم، وفي الأصل: المسعد.
[64222]:-زيد من م.
[64223]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[64224]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[64225]:- من ظ وم، وفي الأصل: أحق.
[64226]:- من ظ وم، وفي الأصل: محدودة.
[64227]:- من ظ وم، وفي الأصل: محدودة.
[64228]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[64229]:سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[64230]:- من ظ وم، وفي الأصل: بتحقيق.
[64231]:- من م، وفي الأصل وظ: منى.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۖ هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (22)

{ هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم } .

{ هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة } السر والعلانية { هو الرحمن الرحيم } .