الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ عَٰلِمُ غَيۡبِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (38)

تقدم معناه في غير موضع . والمعنى : علم أنه لو ردكم إلى الدنيا لم تعملوا صالحا ، كما قال " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه " {[13172]} [ الأنعام : 28 ] . و " عالم " إذا كان بغير تنوين صلح أن يكون للماضي والمستقبل ، وإذا كان منونا لم يجز أن يكون للماضي .


[13172]:راجع ج 6 ص 409.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ عَٰلِمُ غَيۡبِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (38)

ولما كان سبحانه عالماً بما نفى وما أثبت ، علل ذلك مقرراً سبب دوام عذابهم وأنه بقدر كفرانهم كما قال تعالى{ وجزاء سيئة سيئة مثلها }[ الشورى : 40 ] بقوله مؤكداً إشارة إلى أنه لا يجب تمرين النفس عليه لما له من الصعوبة لوقوف النفس مع المحسوسات : { إن الله } أي الذي أحاط بكل شيء قدرة وعلماً { عالم غيب } ولما كانت جهة العلو أعرق في الغيب قال : { السماوات والأرض } فأنتج ذلك قوله مؤكداً لأنه من أعجب الغيب لأنه كثيراً ما يخفى على الإنسان ما في نفسه والله تعالى عالم به ، أو هو تعليل لما قبله : { إنه عليم } أي بالغ العلم { بذات الصدور * } أي قبل أن يعلمها أربابها حين تكون غيباً محضاً ، فهو يعلم أنكم لو مدت أعماركم لم ترجعوا عن الكفر أبداً ، ولو رددتم لعدتم لما نهيتم عنه وأنه لا مطمع في صلاحكم ، ولذلك يأمر الملك أن يكتب عند نفخ الروح في الولد أنه ما شقي أو سعيد قبل أن يكون له خاطر أصلاً ، وربما كان في غاية ما يكون من الإقبال على الخير فعلاً ونية ، ثم يختم له بشر ، وربما كان على خلاف ذلك في غاية الفساد ، لا يدع شركاً ولا غيره من المعاصي حتى يرتكبها وهو عند الله سعيد لما يعلم من نيته بعد ذلك حين يقبل بقلبه عليه فيختم له بخير فيكون من أهل الجنة ، وأما الخواطر بعد وجودها في القلوب فقد يطلع عليها الملك والشيطان .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ عَٰلِمُ غَيۡبِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (38)

قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( 38 ) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتًا وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَارًا } .

ذلك تخويف من الله لعباده ؛ إذ يحذرهم بأسه وبطشه ، ويبين لهم أنه عليم بكل خبر ، سرّا كان أو علانية . وهو سبحانه محيط علمه بكل ما حوته السماوات والأرض من أخبار وأسرار وأستار . وهو يعلم ما تكنه صدور العباد من خفايا . فما يكون لأحد ذي عقل أن يستتر من رب العالمين ، فإنه لا تخفى عليه خافية . وما على الناس بذلك إلا أن يخشوا ربهم فيراقبوه في السر والعلن ويتجنبوا ما نهى عنه أو حذر منه أو زجر .