تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱللَّهَ عَٰلِمُ غَيۡبِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (38)

الآية 38 وقوله تعالى : { إن الله عالم غيب السماوات والأرض } وهذا يخرّج على وجهين :

أحدهما : على الوعيد والتخويف ، أي هو عالم بالأشياء التي لم يمتحنها بمحن ، ولا أمرها بأمور ، ولا نهاها{[17321]} بمناه فالذين امتحنهم بأنواع المحن ، وأمرهم بأوامر ، ونهاهم{[17322]} بمناه أحق أن يكون عالما بهم .

والثاني : أنه على علم بما يكون من خلق السموات وأهل الأرض ، خلقهم ، وبعث إليهم الرسل ، من التكذيب لهم والرّد عليهم لا عن سهو وجهل بما يكون منهم ليُعلم أنه إنما بعث إليهم [ الرسل لحاجة أنفس المبعوث إليهم ]{[17323]} ولمنفعة لهم في ذلك لا حاجة المرسل والباعث ولمنفعة له .

لذلك خرّج البعث إليهم على علم بما يكون منهم من التكذيب والرد للرسالة على الحكمة .

وفي الشاهد [ دليل ]{[17324]} على السّفه لأن في الشاهد إنما يبعث الرسل إلى من يبعث الرسل لحاجة نفسه ولمنفعة له في ذلك ، فخُرّج البعث إليهم على علم منه بالتكذيب والرد عليه سفها وباطلا ، ومن الله حكمة وحقا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إنه عليم بذات الصدور } وكان ذات الصدور ، هم البشر ، خصّهم بعلم ما يكون منهم لأنهم أهل تمييز وبصر وامتحان ، فيخرّج ذلك مخرج الوعيد لهم والتحذير .

وأما غيرهم من الدّواب ونحوها فلا محنة عليهم ، ولا تمييز لهم ، لذلك خص هؤلاء بذلك ، إذ كان عالما بالكل بذات الصدور وغير ذات الصدور ، والله أعلم .


[17321]:من م، في الأصل: نهاهم.
[17322]:في الأصل وم: ونهى.
[17323]:من م، ساقطة من الأصل.
[17324]:ساقطة من الأصل وم.