الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{قَالَ هَٰذِهِۦ نَاقَةٞ لَّهَا شِرۡبٞ وَلَكُمۡ شِرۡبُ يَوۡمٖ مَّعۡلُومٖ} (155)

" قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم " قال ابن عباس : قالوا إن كنت صادقا فادع الله يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء عشراء{[12228]} فتضع ونحن ننظر ، وترد هذا الماء فتشرب وتغدو علينا بمثله لبنا . فدعا الله وفعل الله ذلك ف " قال هذه ناقة لها شرب " أي حظ من الماء{[12229]} ؛ أي لكم شرب يوم ولها شرب يوم ، فكانت إذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله أول النهار وتسقيهم اللبن آخر النهار ، وإذا كان يوم شربهم كان لأنفسهم ومواشيهم وأرضهم ، ليس لهم في يوم ورودها أن يشربوا من شربها شيئا ، ولا لها أن تشرب في يومهم من مائهم شيئا . قال الفراء : الشرب الحظ من الماء . قال النحاس : فأما المصدر فيقال فيه شرب شربا وشربا وشربا وأكثرها المضمومة ؛ لأن المكسورة والمفتوحة يشتركان مع شيء آخر فيكون الشرب الحظ من الماء ، ويكون الشرب جمع شارب كما قال{[12230]} :

فقلت للشَّرب في دُرْنَا وقد ثَمِلُوا

إلا أن أبا عمرو بن العلاء والكسائي يختاران الشَّرب بالفتح في الصدر ، ويحتجان برواية بعض العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنها أيام أكل وشَرب ) .


[12228]:ناقة عشراء: مضى لحملها عشرة أشهر.
[12229]:زيادة يقتضيها المعنى.
[12230]:هو الأعشى وتمامه: * شيموا فكيف يشيم الشارب الثمل* ودرنا (بضم الدال والفتح) موضع زعموا أنه بناحية اليمامة. اللسان.