الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوۡمًا عَبُوسٗا قَمۡطَرِيرٗا} (10)

قوله تعالى : " إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا " " عبوسا " من صفة اليوم ، أي يوما تعبس فيه الوجوه من هوله وشدته ، فالمعنى نخاف يوما ذا عبوس . وقال ابن عباس يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل منه عرق كالقطران . وعن ابن عباس : العبوس : الضيق ، والقمطرير : الطويل ، قال الشاعر :

شديداً عبوساً قمطريرا

وقيل : القمطرير الشديد . تقول العرب : يوم قمطرير وقماطر وعصيب بمعنى ، وأنشد الفراء :

بني عمنا هل تذكرون بلاءَنَا *** عليكم إذا ما كان يومٌ قُمَاطِرُ

بضم القاف . وقمطر إذا اشتد . وقال الأخفش : القمطرير : أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء ، قال الشاعر :

ففرُّوا إذا ما الحرب ثار غُبارُها *** ولج بها اليومُ العبوسُ القُمَاطِرُ

وقال الكسائي : يقال اقمطر اليوم وازمهر اقمطرارا وازمهرارا ، وهو القمطرير والزمهرير ، ويوم مقمطر إذا كان صعبا شديدا ، قال الهذلي{[15677]} :

بنو الحرب أرضعْنَا لهم مُقَمْطِرَةً *** ومن يُلْقَ منا ذلك اليوم يَهْرُبِ

وقال مجاهد : إن العبوس بالشفتين ، والقمطرير بالجبهة والحاجبين ، فجعلها من صفات الوجه المتغير من شدائد ذلك اليوم ، وأنشد ابن الأعرابي :

يغدُو على الصيد يعُودُ مُنْكَسِرْ *** ويَقْمَطِرُّ ساعةً ويكْفَهِرُّ

وقال أبو عبيدة : يقال رجل قمطرير أي متقبض ما بين العينين . وقال الزجاج : يقال اقمطرت الناقة : إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها ، وزمت بأنفها ، فاشتقه من القطر ، وجعل الميم مزيدة . قال أسد بن ناعصة :

واصطليتُ الحروب في كل يوم *** باسلِ الشَّرِّ قمطريرِ الصباحِ


[15677]:البيت لحذيفة بن أنس الهذلي، والذي في ديوان الهذليين: بنو الحرب أرضعنا بها مقمطرة *** ومن يلق منا يلق سيد مدرب أرضعنا مبني للمجهول. مقمطرة: من اقمطرت الناقة إذا لقحت. ويلق بني للمجهول في اللفظين. والسيد عند هذيل: الأسد. والمدرب: الضاري.