لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا ٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (55)

قوله جلّ ذكره : { فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } .

{ آسَفُونَا } أغضبونا ، وإنما أراد أغضبوا أولياءَنا ، فانتقمنا منهم . وهذا له أصل في باب الجَمْع ؛ حيث أضاف إيسافَهم لأوليائه إلى نَفْسِه . . . وفي الخبر : أنه يقول : " مَرِضْتُ فلم تَعُدْني " .

وقال في قصة إبراهيم عليه : { يَأْتُوكَ رِجَالاً . . . } [ الحج : 27 ] .

وقال في قصة نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم : { مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } [ النساء : 80 ] .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا ٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (55)

{ فَلَمَّا ءاسَفُونَا } أي أسخطونا كما قال علي كرم تعالى وجهه . وفي معناه ما قيل أي أغضبونا أشد الغضب أي بأعمالهم . والغضب عند الخلف مجاز عن إرادة العقوبة فيكون صفة ذات أو عن العقوبة فيكون صفة فعل .

وقال أبو عبد الله الرضا رضي الله تعالى عنه : إن الله سبحانه لا يأسف كأسفنا ولكن له جل شأنه أولياء يأسفون ويرضون فجعل سبحانه رضاهم رضاه وغضبهم غضبة تعالى ، وعلى ذلك قال عز وجل : «من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة » وقال سبحانه : { مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله } [ النساء : 80 ] وعليه قيل : المعنى فلما أسفوا موسى عليه السلام ومن معه ، والسلف لا يؤولون ويقولون : الغضب فينا انفعال نفساني وصفاته سبحانه ليست كصفاتنا بوجه من الوجوه ، وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما تفسير الأسف بالحزن وأنه قال هنا أي أحزنوا أولياءنا المؤمنين نحو السحرة وبني إسرائيل .

وذكر الراغب أن الأسف الحزن والغضب معاً وقد يقال لكل منهما على الانفراد ، وحقيقته ثوران دم القلب شهوة الانتقام فمتى كان ذلك على من دونه انتشر فصار غضباً ومتى كان على من فوقه انقبض فصار حزناً ، ولذلك سئل ابن عباس عنهما فقال : مخرجهما واحد واللفظ مختلف من نازع من يقوى عليه أظهره غيظاً وغضباً ومن نازع من لا يقوى عليه أظهره حزناً وجزعاً ، وبهذا النظر قال الشاعر :

فحزن كل أخي حزن أخو الغضب *** انتهى ، وعلى جميع الأقوال آسف منقول بالهمزة من أسف .

{ انتقمنا مِنْهُمْ فأغرقناهم أَجْمَعِينَ } في اليم .