لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَاْيۡءٍ إِنِّي فَاعِلٞ ذَٰلِكَ غَدًا} (23)

إذا كانت الحوادث صادرةً عن مشيئة الله فَمَنْ عَرَفَ الله لم يَعُدّ من نفسه ما علم أنه لا يتم إلا بالله .

ويقال مَنْ عَرَفَ الله سقط اختيارُه عند مشيئته ، واندرجت أحكامه في شهوده لحكم الله .

ويقال المؤمن يعزم على اعتناق الطاعةُ في مستقبله بقلبه ، لكنه يتبرأ عن حَوْلِهِ وقُوََّتِهِ بسِرِّه ، والشرعُ يستدعي منه نهوض قلبه في طاعته ، والحقُّ يقف سِرَّه عند شهود ما منه لمحبوبه تحت جريان قسمته .

قوله جلّ ذكره : { وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُل عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّى لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً } .

إنْ طَرأَتْ عليك طوارقُ النسيان - لا يتعهدك - فجرِّدْ بذكرك قَصْدَكَ عن أوطان غفلتك .

ويقال { وَاذْكُر ربَّكَ إِذَا نَسِيتَ } : في الحقيقة نَفْسُك تمنعك من استغراقك في شهود ذكرك .

ويقال واذكر ربك إذا نسيت ذكرك لربِّك : فإن العبدَ إذا كان ملاحظاً لذكره كان ذلك آفة في ذكره .

ويقال واذكر ربك إذا نسيت حَظَّك منه .

ويقال واذكر ربَّك إذا نسيت غيرَ ربَّك .