في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوۡحَىٰ لَهَا} (5)

لقد كان ما كان لها( بأن ربك أوحى لها ) . . وأمرها أن تمور مورا ، وأن تزلزل زلزالها ، وأن تخرج أثقالها ! فأطاعت أمر ربها( وأذنت لربها وحقت ) . . تحدث أخبارها . فهذا الحال حديث واضح عما وراءه من أمر الله ووحيه أليها . .

وهنا و " الإنسان " مشدوه مأخوذ ، والإيقاع يلهث فزعا ورعبا ، ودهشة وعجبا ، واضطرابا ومورا . . هنا و " الإنسان " لا يكاد يلتقط أنفاسه وهو يتساءل : مالها مالها ? هنا يواجه بمشهد الحشر والحساب والوزن والجزاء :

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوۡحَىٰ لَهَا} (5)

وقوله : { بأن ربك أوحى لها } يجوز أن يتعلق بفعل { تحدث } والباء للسببيَّة ، أي تحدث أخبارها بسبب أن الله أمرها أن تحدث أخبارها .

ويجوز أن يكون بدلاً من { أخبارها } وأظهرت الباء في البدل لتوكيد تعدية فعل { تحدث } إليه ، وعلى كلا الوجهين قد أجملت أخبارها وبينها الحديث السابق .

وأطلق الوحي على أمر التكوين ، أي أوجَدَ فيها أسباب إخراج أثقالها فكأنه أسرَّ إليها بكلام كقوله تعالى : { وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً } [ النحل : 68 ] الآيات . «

وعُدي فعل { أوحى } باللام لتضمين { أوحى } معنى قال كقوله تعالى : { فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً } [ فصلت : 11 ] ، وإلا فإن حق { أوحى } أن يتعدى بحرف ( إلى ) .

والقول المضمَّن هو قول التكوين قال تعالى : { إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون } [ النحل : 40 ] .

وإنما عُدل عن فعل : قال لها إلى فعل { أوحى لها } لأنه حكاية عن تكوين لا عن قول لفظي .