غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوۡحَىٰ لَهَا} (5)

والباء في قوله { بأن ربك } إما أن تتعلق ب { تحدث } ، والإيحاء بمعنى الأمر ، أي تحدث بسبب أن ربك أمرها بالتحديث . ومفعول { تحدث } محذوف ، أي تحدث الناس ، أو متروك ؛ لأن المقصود تحديثها لا من تحدثه . وقيل : تحديثها بأن ربك أوحى لها تحديث بأخبارها كما تقول : " نصحتني كل النصيحة بأن نصحتني في الدين " . وقيل : بدل من { أخبارها } ؛ لأنك تقول : حدثته كذا وحدثته بكذا . وأوحى لها بمعنى أوحى إليها ، وهو مجاز عند صاحب الكشاف وأبي مسلم ، كأنها بلسان الحال تبين لكل أحد جزاء عمله ، أو تحدث أن الدنيا قد انقضت ، والآخرة قد أقبلت . والجمهور على أنه تعالى يجعل الأرض ذات فهم ونطق ، ويعرفها جميع ما عمل عليها ، فحينئذ تشهد لمن أطاع وعلى من عصى . وكان علي رضي الله عنه إذا فرغ بيت المال صلى فيه ركعتين ، ويقول : اشهدي أني ملأتك بحق وفرغتك بحق . وقيل : لفظ التحديث يفيد الاستئناس ، فعل الأرض تبث شكواها إلى أولياء الله وملائكته ، وقالت المعتزلة : إن الله تعالى يخلق في الأرض - وهي جماد - أصواتاً مقطعة مخصوصة ، فيكون المتكلم والشاهد على أن التقدير هو الله .

/خ8