في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا} (41)

36

ثم يمضي السياق القرآني في ربط القلوب بهذا المعنى الأخير ، ووصلهم بالله الذي فرض على رسوله ما فرض ، واختار للأمة المسلمة ما اختار ؛ يريد بها الخير ، والخروج من الظلمات إلى النور :

( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ، وسبحوه بكرة وأصيلا . هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور ، وكان بالمؤمنين رحيما . تحيتهم يوم يلقونه سلام . وأعد لهم أجرا كريما ) . .

وذكر الله اتصال القلب به ، والاشتغال بمراقبته ؛ وليس هو مجرد تحريك اللسان . و إقامة الصلاة ذكر لله . بل إنه وردت آثار تكاد تخصص الذكر بالصلاة :

روى أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث الأعمش عن الأغر أبي مسلم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] قال : " إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين ، كانا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات " . .

وإن كان ذكر الله أشمل من الصلاة . فهو يشمل كل صورة يتذكر فيها العبد ربه ، ويتصل به قلبه . سواء جهر بلسانه بهذا الذكر أم لم يجهر . والمقصود هو الاتصال المحرك الموحي على أية حال .

وإن القلب ليظل فارغا أو لاهيا أو حائرا حتى يتصل بالله ويذكره ويأنس به . فإذا هو مليء جاد ، قار ، يعرف طريقه ، ويعرف منهجه ، ويعرف من أين وإلى أين ينقل خطاه !

ومن هنا يحض القرآن كثيرا ، وتحض السنة كثيرا ، على ذكر الله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا} (41)

ثم أمر تعالى عباده بأن يذكروه { ذكراً كثيراً } ، وجعل تعالى ذلك دون حد ولا تقدير لسهولته على العبد ولعظم الأجر فيه ، قال ابن عباس لم يعذر أحد في ترك ذكر الله إلا من غلب على عقله ، وقال الكثير أن لا تنساه أبداً ، وروى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم «أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون »{[9532]} .


[9532]:أخرجه أحمد، وأبو يعلى، وابن حبان، والحاكم وصححه.(الدر المنثور).