في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّٗا كَبِيرٗا} (43)

40

ويعقب على ذلك بتنزيه الله في علاه :

( سبحان وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ) . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّٗا كَبِيرٗا} (43)

{ سبحانه } ينزه تنزيها . { وتعالى عما يقولون علواً } تعاليا . { كبيرا } متباعدا غاية البعد عما يقولون ، فإنه في أعلى مراتب الوجود وهو كونه واجب الوجود والبقاء لذاته ، واتخاذ الولد من أدنى مراتبه فإنه من خواص ما يمتنع بقاؤه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّٗا كَبِيرٗا} (43)

إنشاء تنزيه لله تعالى عما ادعوه من وجود شركاء له في الإلهية .

وهذا من المقول اعتراض بين أجزاء المقول ، وهو مستأنف لأنه نتيجة لبطلان قولهم : إن مع الله آلهة ، بما نهضت به الحجة عليهم من قوله : { إذا لابتغوا إلى ذى العرش سبيلاً } . وقد تقدم الكلام على نظيره في قوله تعالى : { سبحانه وتعالى عمّا يصفون } في سورة [ الأنعام : 100 ] .

والمراد بما يقولون ما يقولونه مما ذكر آنفاً كقوله تعالى : ونرثه ما يقول .

وعلوا } مفعول مطلق عامله { تعالى } . جيء به على غير قياس فعله للدلالة على أن التعالي هو الاتصاف بالعلو بحق لا بمجرد الادعاء كقول سعدة أم الكميت بن معر :

تعاليت فوق الحق عن آل فَقعس *** ولم تَخش فيهم ردة اليوم أو غد

وقوله سبحانه : { ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم } [ المؤمنون : 24 ] ، أي يدعي الفضل ولا فضل له . وهو منصوب على المفعولية المطلقة المبينة للنوع .

والمراد بالكبير الكامل في نوعه . وأصل الكبير صفة مشبهة : الموصوف بالكبر . والكبر : ضخامة جسم الشيء في متناول الناس ، أي تعالى أكمل علو لا يشوبه شيء من جنس ما نسبوه إليه ، لأن المنافاة بين استحقاق ذاته وبين نسبة الشريك له والصاحبة والولد بلغت في قوة الظهور إلى حيث لا تحتاج إلى زيادة لأن وجوب الوجود والبقاء ينافي آثار الاحتياج والعجز .

وقرأ الجمهور { عما يقولون } بياء الغيبة . وقرأه حمزة ، والكسائي ، وخلف بتاء الخطاب على أنه التفات ، أو هو من جملة المقول من قوله : { قل لو كان معه آلهة } [ الإسراء : 42 ] على هذه القراءة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّٗا كَبِيرٗا} (43)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{سبحانه} نزه نفسه تعالى عن قول البهتان، فقال: {وتعالى}، يعني: وارتفع، {عما يقولون} من البهتان...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

هذا تنزيه من الله تعالى ذكره نفسه عما وصفه به المشركون، الجاعلون معه آلهة غيره، المضيفون إليه البنات، فقال: تنزيها لله وعلوّا له عما تقولون أيها القوم، من الفرية والكذب، فإن ما تضيفون إليه من هذه الأمور ليس من صفته، ولا ينبغي أن يكون له صفة...

"تُسَبّحُ لَهُ السّمَواتُ السّبْعُ والأرْضُ وَمَنْ فِيهِنّ" يقول: تنزّه الله أيها المشركون عما وصفتموه به إعظاما له وإجلالاً، السموات السبع والأرض، ومن فيهنّ من المؤمنين به من الملائكة والإنس والجنّ، وأنتم مع إنعامه عليكم، وجميل أياديه عندكم، تفترون عليه بما تَفْتَرون...

"ولَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ" يقول تعالى ذكره: ولكن لا تفقهون تسبيح ما عدا تسبيح من كان يسبح بمثل ألسنتكم.

"إنّهُ كانَ حَلِيما" يقول: إن الله كان حليما لا يعجل على خلقه، الذين يخالفون أمره، ويكفرون به، ولولا ذلك لعاجل هؤلاء المشركين الذين يدعون معه الآلهة والأنداد بالعقوبة "غَفُورا" يقول: ساترا عليهم ذنوبهم، إذا هم تابوا منها بالعفو منه لهم...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{سبحانه} نزه نفسه، وبرأها عما يقول الملحدة فيه، ويصفونه بالشركاء والأشباه والولد وما لا يليق به...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{عَلوا} في معنى تعالياً. والمراد البراءة عن ذلك والنزاهة. ومعنى وصف العلوّ بالكبر: المبالغة في معنى البراءة والبعد مما وصفوه به

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

التسبيح عبارة عن تنزيه الله تعالى عما لا يليق به، ثم قال: {وتعالى} والمراد من هذا التعالي الارتفاع وهو العلو، وظاهر أن المراد من هذا التعالي ليس هو التعالي في المكان والجهة، لأن التعالي عن الشريك والنظير والنقائص والآفات لا يمكن تفسيره بالتعالي بالمكان والجهة، فعلمنا أن لفظ التعالي في حق الله تعالى غير مفسر بالعلو بحسب المكان والجهة.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ثم نزه نفسه تعظيماً عن ذلك وعن كل نقص فقال تعالى: {سبحانه} أي تنزه التنزه الأعظم عن كل شائبة نقص {وتعالى} أي علا أعظم العلو بصفات الكمال {عما يقولون} من هذه النقائض التي لا يرضاها لنفسه أحد من عقلاء خلقه فضلاً عن رئيس من رؤسائكم، فكيف بالعلي الأعلى!

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى} أي: تقدس وتنزه وعلت أوصافه {عَمَّا يَقُولُونَ} من الشرك به واتخاذ الأنداد معه {عُلُوًّا كَبِيرًا} فعلا قدره وعظم وجلت كبرياؤه التي لا تقادر أن يكون معه آلهة فقد ضل من قال ذلك ضلالا مبينا وظلم ظلما كبيرا...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وهذا من المقول اعتراض بين أجزاء المقول، وهو مستأنف لأنه نتيجة لبطلان قولهم: إن مع الله آلهة، بما نهضت به الحجة عليهم من قوله: {إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً}... وعلوا} مفعول مطلق عامله {تعالى}. جيء به على غير قياس فعله للدلالة على أن التعالي هو الاتصاف بالعلو بحق لا بمجرد الادعاء... والمراد بالكبير الكامل في نوعه. وأصل الكبير صفة مشبهة: الموصوف بالكبر. والكبر: ضخامة جسم الشيء في متناول الناس، أي تعالى أكمل علو لا يشوبه شيء من جنس ما نسبوه إليه، لأن المنافاة بين استحقاق ذاته وبين نسبة الشريك له والصاحبة والولد بلغت في قوة الظهور إلى حيث لا تحتاج إلى زيادة لأن وجوب الوجود والبقاء ينافي آثار الاحتياج والعجز...

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

أي تقدست ذاته عن أن له شريكا، وتعالت وسمت. {علوا كبيرا}، أي علوا بعيدا في علوه، كبيرا في ذاته بحيث لا يكون ثمة علاقة بأي نوع من أنواع العلاقة بينه وبين رب البرية؛ لأن الوجود كله يخضع له، ويسبح بحمده...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

قوله (سبحانه) يعني تنزيهاً مطلقاً له تعالى في ذاته، وفي صفاته، وفي أفعاله، فلله تعالى ذات ليست كذاتك، وله صفات ليست كصفاتك، وله أفعال ليست كأفعالك؛ لأن الأشياء تختلف في الوجود بحسب الموجد لها... ونلاحظ أن الحق سبحانه اختار (كبيراً) ولم يقل: اكبر. وهذا من قبيل استعمال اللفظ في موضعه المناسب؛ لأن كبيراً تعني: أن كل ما سواه صغير، لكن اكبر تعني أن ما دونه كبير أي: مشارك له في الكبر... لذلك نقول في نداء الصلاة: الله اكبر وهي صفة له سبحانه وليست من أسمائه؛ ذلك لأن من أعمال الحياة اليومية ما يمكن أن يوصف بأنه كبير، كأعمال الخير والسعي على الأرزاق، فهذه كبيرة، ولكن: الله اكبر...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

فهذه الكلمات التي يطلقها هؤلاء في نسبة الشريك إليه لا تنسجم مع عظمته التي لا يقترب منها شيء، وقدرته التي لا يحدّها شيء، وربوبيته المهيمنة على كل شيء، لأنه خالق كل شيءٍ ورازقه، ما يجعل من أي كلام من هذا النوع إساءةً لمقام جلاله وقدسه، وهو المنزّه المتعالي عن كل ما يقولونه، لأنه في المقام الأسمى الذي لا يعلو عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يدانيه شيء مهما كان عظيماً، لأن عظمته في ذاته، بينما تنطلق عظمة كل شيءٍ من فيوضات عظمته ورحمته، بل هي مظهر عظمته في إعطاء كل شيء خلقه وقوّته وحركته في الحياة...