اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّٗا كَبِيرٗا} (43)

ثم نزَّه نفسه فقال : { سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً } .

قوله تعالى : { وتعالى } : عطف على ما تضمَّنه المصدر ، تقديره : تنزَّه وتعالى . و " عن " متعلقة به ، أو ب " سبحان " على الإعمال لأنَّ " عَنْ " تعلقت به في قوله { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ } [ الصافات : 180 ] و " عُلُوًّا " مصدر واقع موقع التعالي ؛ لأنَّه كان يجب أن يقال : تعالياً كبيراً ، فهو على غير المصدر كقوله : { أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض نَبَاتاً } [ نوح : 17 ] [ في كونه على غير الصدر ] . والتَّسبيحُ عبارة عن تنزيه الله تعالى عمَّا لا يليقُ به .

والفائدة في وصف ذلك العلوِّ بالكبر : أن المنافاة بين ذاته وصفاته سبحانه وبين ثبوت الصَّاحبة ، والولد ، والشُّركاء ، والأضداد ، والأنداد ، منافاة بلغت في القوَّة والكمال إلى حيث لا تعقل الزيادة عليها ؛ لأنَّ المنافاة بين الواجب لذاته ، والممكن لذاته ، وبين القديم والمحدث ، وبين الغنيِّ والمحتاج منافاة لا يعقل الزيادة عليها ، فلهذا السبب وصف الله تعالى ذلك العلو بالكبر .