السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّٗا كَبِيرٗا} (43)

ثم نزه سبحانه وتعالى نفسه فقال عز من قائل : { سبحانه } أي : تنزه التنزه الأعظم عن كل شائبة نقص { وتعالى } أي : علا أعلى العلوّ بصفات الكمال { عما يقولون } أي : من هذه النقائص التي لا يرضاها لنفسه أحد من عقلاء خلقه { علوّاً } أي : تعالياً { كبيراً } أي : متباعداً غاية البعد عما يقولون فإنه تعالى في أعلى مراتب الوجود وهو كونه واجب الوجوب والبقاء لذاته .

تنبيه : جعل العلوّ مصدر التعالي ومصدره تعالياً كما قدّرته فهو المراد ونظيره قوله تعالى : { والله أنبتكم من الأرض نباتاً } [ نوح ، 17 ] . فإن قيل : ما الفائدة في وصف ذلك العلو بالكبير ؟ أجيب : بأنّ المنافاة بين ذاته وصفاته سبحانه وبين ثبوت الصاحبة والولد والشركاء والأضداد والأنداد منافاة بلغت في القوّة والكمال إلى حيث لا تعقل الزيادة عليها لأنّ المنافاة بين الواجب لذاته وبين الممكن لذاته وبين القديم والمحدث وبين الغني والمحتاج منافاة لا تعقل الزيادة عليها فلهذا السبب وصف الله تعالى ذلك العلو بالكبير . وقرأ حمزة والكسائي بالتاء على الخطاب والباقون بالياء على الغيبة ،