في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ صَدَقَ ٱللَّهُۗ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (95)

93

كذلك كان اليهود يبدئون ويعيدون في مسألة تحويل القبلة إلى الكعبة ، بعد أن صلى رسول الله [ ص ] إلى بيت المقدس حتى الشهر السادس عشر أو السابع عشر من الهجرة . . ومع أن هذا الموضوع قد نوقش مناقشة كاملة وافية في سورة البقرة من قبل ، وتبين أن اتخاذ الكعبة قبلة للمسلمين هو الأصل وهو الأولى ، وأن اتخاذ بيت المقدس هذه الفترة كان لحكمة معينة بينها الله في حينها . . مع هذا فقد ظل اليهود يبدئون في هذا الموضوع ويعيدون ، ابتغاء البلبلة والتشكيك واللبس للحق الواضح الصريح - على مثال ما يصنع اليوم أعداء هذا الدين بكل موضوع من موضوعات هذا الدين ! وهنا يرد الله عليهم كيدهم ببيان جديد .

( قل : صدق الله ، فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا ، وما كان من المشركين . إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين . فيه آيات بينات : مقام إبراهيم ، ومن دخله كان آمنا . ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا . ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) . .

ولعل الإشارة هنا في قوله : ( قل صدق الله . . )تعني ما سبق تقريره في هذا الأمر ، من أن هذا البيت بناه إبراهيم وإسماعيل ليكون مثابة للناس وأمنا ، وليكون للمؤمنين بدينه قبلة ومصلى : ومن ثم يجيء الأمر باتباع إبراهيم في ملته . وهي التوحيد الخالص المبرأ من الشرك في كل صورة :

( فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا ، وما كان من المشركين ) .

واليهود كانوا يزعمون أنهم هم ورثة إبراهيم . فها هو ذا القرآن يدلهم على حقيقة دين إبراهيم ؛ وأنه الميل عن كل شرك . ويؤكد هذه الحقيقة مرتين : مرة بأنه كان حنيفا . ومرة بأنه ما كان من المشركين . فما بالهم هم مشركين ! !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ صَدَقَ ٱللَّهُۗ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (95)

{ قل صدق الله } تعريض بكذبهم ، أي ثبت أن الله صادق فيما أنزل وأنتم الكاذبون . { فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا } أي ملة الإسلام التي هي في الأصل ملة إبراهيم ، أو مثل ملته حتى تتخلصوا من اليهودية التي اضطرتكم إلى التحريف والمكابرة لتسوية الأغراض الدنيوية ، وألزمتكم تحريم طيبات أحلها الله لإبراهيم ومن تبعه . { وما كان من المشركين } فيه إشارة إلى أن اتباعه واجب في التوحيد الصرف والاستقامة في الدين والتجنب عن الإفراط والتفريط ، وتعريض بشرك اليهود .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ صَدَقَ ٱللَّهُۗ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (95)

ثم أمر الله تعالى نبيه أن يصدع بالخلاف والجدال مع الأحبار بقوله { قل صدق الله } أي الأمر كما وصف لا كما تكذبون أنتم ، فإن كنتم تعتزون بإبراهيم فاتبعوا ملته على ما ذكر الله ، وقرأ أبان بن تغلب : «قل صدق » ، بإدغام اللام في الصاد ، وكذلك : { قل سيروا } ، قرأها بإدغام اللام في السين ، قال أبو الفتح : علة جواز ذلك فشو هذين الحرفين في الفم وانتشار الصدى المنبث عنهما فقاربا بذلك مخرج اللام ، فجاز إدغامهما فيهما .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ صَدَقَ ٱللَّهُۗ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (95)

ثُمّ أعلنَ أن المتعيّن في جانبه الصّدق هو خبَر الله تعالى للجزم بأنهم لا يأتون بالتوراة ، وهذا كقوله : { ولن يتمنّوه أبداً } [ البقرة : 95 ] وبعد أن فرغ من إعلان كذبهم بالحجَّة القاطعة قال : { قل صدق الله } وهو تعريض بكذبهم لأنّ صدق أحد الخبرين المتنافيين يستلزم كذب الآخر ، فهو مستعمل في معناه الأصلي والكنائي .

والتَّفريع في قوله : { فاتبعوا ملة إبراهيم جنيفاً } تفريع على { صدق الله } لأنّ اتّباع الصادق فيما أمر به مَنجاة من الخطر .