إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قُلۡ صَدَقَ ٱللَّهُۗ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (95)

{ قُلْ صَدَقَ الله } أي ظهر وثبت صِدقُه تعالى فيما أنزل في شأن التحريمِ ، وقيل : في قوله تعالى : { مَا كَانَ إبراهيم يَهُودِيّا } [ آل عمران : 67 ] الخ أو صَدَق في كل شأنٍ من الشؤون وهو داخلٌ في ذلك دخولاً أولياً ، وفيه تعريضٌ بكذبهم الصريح { فاتّبعوا مِلَّةَ إبراهيم } أي ملةَ الإسلامِ التي هي في الأصل ملةُ إبراهيمَ عليه السلام فإنكم ما كنتم متّبعين لمِلّته كما تزعُمون ، أو فاتّبعوا مِلَّته حتى تتخلصوا من اليهودية التي اضطَرَّتْكم إلى التحريف والمكابدةِ وتلفيقِ الأكاذيبِ لتسوية الأغراضِ الدنيئةِ الدنيويةِ وألزمتكم تحريمَ طيباتٍ محلَّلةٍ لإبراهيمَ عليه السلام ومن تبِعَه للدَلالة على أن ظهورَ صدقِه تعالى موجبٌ للاتباع وتركِ ما كانوا عليه { حَنِيفاً } أي مائلاً عن الأديان الزائغةِ كلِّها { وَمَا كَانَ مِنَ المشركين } أي في أمر من أمور دينِه أصلاً وفرعاً ، وفيه تعريضٌ بإشراك اليهودِ وتصريحٌ بأنه عليه السلام ليس بينه وبينهم علاقةٌ دينيةٌ قطعاً ، والغرضُ بيانُ أن النبي صلى الله عليه وسلم على دين إبراهيمَ عليه السلام في الأصول لأنه لا يدعو إلا إلى التوحيد والبراءةِ عن كل معبودٍ سواه سبحانه وتعالى ، والجملةُ تذييلٌ لما قبلها .