الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قُلۡ صَدَقَ ٱللَّهُۗ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (95)

قوله تعالى : { قُلْ صَدَقَ اللَّهُ } : أي : قل لهم . والعامةُ على إظهارِ لام " قُل " مع الصادِ ، وقرأ أبان بن تغلب بإدغامِها فيه ، وكذلك أدغمَ اللامَ في السين في قوله : { قُلْ سِيرُواْ } [ الأنعام : 11 ] ، وسيأتي أنَّ حمزة والكسائي وهشاماً أَدْغموا اللامَ في السينِ مِنْ قوله تعالى : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ }

[ يوسف : 18 ] .

قال أبو الفتح : " علةُ ذلك فُشُوُّ هذين الحرفين في الفَمِ وانتشارُ الصوتِ المنَبثِّ عنهما فقارَبَتا بذلك مَخْرَجَ اللامِ فجازَ إدغامُها فيهما وهو مأخوذٌ من كلامِ سيبويه ، فإنَّ سيبويه قال : " والإِدغامُ يعني إدغامَ اللام مع الطاء والصاد وأخواتِهما جائزٌ وليس ككثرتِه مع الراء ، لأنَّ هذه الحروفَ تراخَيْن عنها وهي من الثنايا " قال : " وجوازُ الإِدغام لأن آخرَ مخرجِ الام قريبٌ من مَخْرجها . انتهى " . وقال أبو البقاء عبارةً توضِّح ما تقدَّم وهي : " لأن الصاد فيها انبساطٌ وفي اللام انبساطٌ ، بحيث يتلاقى طرفاهما فصارا متقاربين " وقد تقدَّم إعراب قولِه : { مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً }

[ البقرة : 135 ] فأغنى عن أعادته .