في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ} (45)

وفي النهاية يجيء ذلك التهديد الرعيب ، لمن يفتري على الله في شأن العقيدة وهي الجد الذي لا هوادة فيه . يجيء لتقرير الإحتمال الواحد الذي لا احتمال غيره ، وهو صدق الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] وأمانته فيما أبلغه إليهم أو يبلغه . بشهادة أن الله لم يأخذه أخذا شديدا . كما هو الشأن لو انحرف أقل انحراف عن أمانة التبليغ :

( ولو تقول علينا بعض الأقاويل . لأخذنا منه باليمين . ثم لقطعنا منه الوتين . فما منكم من أحد عنه حاجزين ) . .

ومفاد هذا القول من الناحية التقريرية أن محمدا [ صلى الله عليه وسلم ] صادق فيما أبلغهم . وأنه لو تقول بعض الأقاويل التي لم يوح بها إليه ، لأخذه الله فقتله على هذا النحو الذي وصفته الآيات . ولما كان هذا لم يقع فهو لا بد صادق .

هذه هي القضية من الناحية التقريرية . . ولكن المشهد المتحرك الذي ورد فيه هذا التقرير شيء آخر ، يلقي ظلالا بعيدة وراء المعنى التقريري . ظلالا فيها رهبة وفيها هول . كما أن فيها حركة وفيها حياة . ووراءها إيحاءات وإيماءات وإيقاعات !

فيها حركة الأخذ باليمين وقطع الوتين . وهي حركة عنيفة هائلة مروعة حية في الوقت ذاته . ووراءها الإيحاء بقدرة الله العظيمة وعجز المخلوق البشري أمامها وضعفه . . البشر أجمعين . . كما أن وراءها الإيماء إلى جدية هذا الأمر التي لا تحتمل تسامحا ولا مجاملة لأحد كائنا من كان . ولو كان هو محمد الكريم عند الله الأثير الحبيب . ووراءها بعد هذا كله إيقاع الرهبة والهول والخشوع !

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ} (45)

شرح الكلمات :

{ لأخذنا منه باليمين } : أي بالقوة لأخذنا بيمينه لنقتله .

المعنى :

/د44

/ذ52

     
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ} (45)

" لأخذنا منه باليمين " أي بالقوة والقدرة ، أي لأخذناه بالقوة . و " من " صلة زائدة . وعبر عن القوة والقدرة باليمين لأن قوة كل شيء في ميامنه ، قاله القتبي . وهو معنى قول ابن عباس ومجاهد . ومنه قول الشماخ :

إذا ما رايةٌ رُفِعَتْ لمجدٍ *** تَلقَّاهَا عَرَابَةُ باليمين

أي بالقوة . عرابة اسم رجل{[15324]} من الأنصار من الأوس . وقال آخر :

ولما رأيت الشمس أشرق نورها *** تناولت منها حاجتي بيميني

وقال السدي والحكم : " باليمين " بالحق . قال :

تلقاها عَرَابَةُ باليمين

أي بالاستحقاق . وقال الحسن : لقطعنا يده اليمين . وقيل : المعنى لقبضنا بيمينه عن التصرف ، قاله نفطويه . وقال أبو جعفر الطبري : إن هذا الكلام خرج مخرج الإذلال على عادة الناس في الأخذ بيد من يعاقب . كما يقول السلطان لمن يريد هوانه : خذوا يديه . أي لأمرنا بالأخذ بيده وبالغنا في عقابه .


[15324]:هو عرابة بن أوس بن قيظي الأوسي الحارثي الأنصاري. من سادات المدينة الأجواد المشهورين. أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم صغيرا وتوفي بالمدينة نحو سنة ستين.