البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ} (45)

والظاهر أن قوله : { باليمين } المراد به الجارحة .

فقال الحسن : المعنى قطعناه عبرة ونكالاً ، والباء على هذا زائدة .

وقيل : الأخذ على ظاهرة .

قال الزمخشري : والمعنى : ولو ادعى مدع علينا شيئاً لم نقله لقتلناه صبراً ، كما تفعل الملوك بمن يتكذب عليهم معاجلة بالسخط والانتقام ، فصور قتل الصبر بصورته ليكون أهول ، وهو أن يؤخذ بيده وتضرب رقبته ، وخص اليمين على اليسار لأن القتال إذا أراد أن يوقع الضرب في قفاه أخذ بيساره ، وإذا أراد أن يوقعه في جيده وأن يلحفه بالسيف ، وهو أشد على المصبور لنظره إلى السيف ، أخذ بيمينه .

ومعنى { لأخذنا منه باليمين } : لأخذنا بيمينه ، كما أن قوله تعالى { لقَطعنا منه الوتين } : لقطعنا وتينة .

انتهى ، وهو قول للمتقدّمين حسنه الزمخشري بتكثير ألفاظه ومصاغها قالوا : المعنى لأخذنا بيده التي هي اليمين على جهة الإذلال والصغار ، كما يقول السلطان إذا أراد عقوبة رجل : يا غلام خذ بيده وافعل كذا ، قاله أو قريباً منه الطبري .

وقيل : اليمين هنا مجاز .

فقال ابن عباس : باليمين : بالقوّة ، معناه لنلنا منه عقابه بقوّة منا .

وقال مجاهد : بالقدرة .

وقال السدّي : عاقبناه بالحق ومن على هذا صلة .

وقال نفطويه : لقبضنا بيمينه عن التصرّف .

وقيل : لنزعنا منه قوّته .

وقيل : لأذللناه وأعجزناه .