السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ} (45)

{ لأخذنا } أي : لنلنا { منه } أي : عقاباً { باليمين } أي : بالقوة والقدرة .

تنبيه : الباء على أصلها غير مزيدة ، والمعنى : لأخذناه بقوة منا ، فالباء حالية والحال من الفاعل وتكون منه في حكم الزائدة ، واليمين هنا مجاز عن القوة والغلبة ، فإن قوة كل شيء في ميامنه ، وهذا معنى قول ابن عباس ومجاهد رضي الله عنهم ، ومنه قول الشماخ :

إذا ما راية رفعت لمجد *** تلقاها عرابة باليمين

وقال أبو جعفر الطبري : هذا الكلام خرج مخرج الإذلال على عادة الناس في الأخذ بيد من يعاقب ، ويجوز أن تكون الباء مزيدة ، والمعنى : لأخذنا منه يمينه ، والمراد باليمين الجارحة كما يفعل بالمقتول صبراً يؤخذ بيمينه ويضرب بالسيف في جيده مواجهة وهو أشد عليه ، وقال الحسن رضي الله عنه : لقطعنا يده اليمنى . وقال الزمخشري : المعنى : ولو ادعى علينا شيئاً لم نقله لقتلناه صبراً كما يفعل الملوك بمن يتكذب عليهم معاجلة بالسخط والانتقام ، فصور قتل الصبر بصورته ليكون أهول ، وهو أن يؤخذ بيده فتضرب رقبته وخص اليمين عن اليسار ، لأن القتال إذا أراد أن يوقع الضرب في قفاه أخذه بيساره ، وإذا أراد أن يوقعه في جيده وأن يكفحه بالسيف وهو أشد على المصبور لنظره إلى السيف أخذ بيمينه ا . ه . وقال نفطويه : المعنى لقبضنا بيمينه عن التصرف ، وقال السّدي ومقاتل رضي الله عنهما : المعنى انتقمنا منه بالحق واليمين على هذا بمعنى الحق كقوله تعالى : { إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } [ الصافات : 28 ] ، أي : من قبل الحق .