تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ} (45)

الآية 45 وقوله تعالى : { لأخذنا منه باليمين } فأخذ الله تعالى عذابه وعقوبته كقوله تعالى { فأخذناهم بالبأساء والضراء } [ الأنعام : 42 ] وقوله عز وجل { فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون } الأعراف : 95 .

وقوله تعالى : { باليمين } أي بالقوة ، أي لا يعجزنا {[21982]} منه شيء ، ولا يفوتنا عذابه كقوله تعالى : { وما هم بمعجزين } [ الزمر : 51 ] وكقوله تعالى : { وما نحن بمسبوقين } [ الواقعة 60 والمعارج : 41 ] أي لا يعجزنا ما عنده من الشرف والقوة من أن نؤاخذه ، وننزل عليه النقمة .

وجائز أن يكون اليمين صلة القول لا على تحقيق اليد ، فذكر اليمين لأن التأديب في الشاهد والأخذ ، يقع بها ، وهو كقوله تعالى : { ذلك بما قدمت يداك } [ الحج : 10 ] فأضاف التقدم إلى اليد لا على تحقيق اليد ، إذ يجوز ألا يكون ليديه بما قدم صنع ، لكن لما كان التقديم في الشاهد يقع بالأيدي . فذكرت اليدان على ذلك لا على تحقيق الفعل بهما . فكذلك يجوز أن تكون اليمين ذكرت لما بها يقع الأخذ والتأديب في الشاهد ، وإن لم يكن هنالك يمين والله أعلم .

واليمين القوة ، وسميت اليمين يمينا لأن قدرة الرجل تكون فيها ، وسمي ملك الرقاب ملك اليمين لأن ملك اليمين يكتسب بالقهر والغلبة ، وإنما يصل المرء إلى القهر والغلبة بالقوة ، فسمي ملك يمين لهذا ، لا أن يراد بذكر اليمين تحقيق اليمين ، إذ اليد لا تملك شيئا حتى يضاف إليها ، فكذلك في ما أضيف من اليمين إلى الله تعالى ، فالمراد منه القوة .


[21982]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: يعجزه ما.