في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِذۡ نَادَىٰهُ رَبُّهُۥ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوًى} (16)

ثم تأخذ في عرض الحديث كما تسمى القصة . وهو إيحاء بواقعيتها فهي حديث جرى . فتبدأ بمشهد المناداة والمناجاة : ( إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى ) . . وطوى اسم الوادي على الأرجح . وهو بجانب الطور الأيمن بالنسبة للقادم من مدين في شمال الحجاز .

ولحظة النداء لحظة رهيبة جليلة . وهي لحظة كذلك عجيبة . ونداء الله بذاته - سبحانه - لعبد من عباده أمر هائل . أهول مما تملك الألفاظ البشرية أن تعبر . وهي سر من أسرار الألوهية العظيمة ، كما هي سر من أسرار التكوين الإنساني التي أودعها الله هذا الكائن ، وهيأه بها لتلقي ذلك النداء . وهذا أقصى ما نملك أن نقوله في هذا المقام ، الذي لا يملك الإدراك البشري أن يحيط منه بشيء ؛ فيقف على إطاره ، حتى يكشف الله له عنه فيتذوقه بشعوره .

وفي مواضع أخرى تفصيل للمناجاة بين موسى وربه في هذا الموقف . فأما هنا فالمجال مجال اختصار وإيقاعات سريعة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِذۡ نَادَىٰهُ رَبُّهُۥ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوًى} (16)

{ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ } أي : كلمه نداء ، { بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ } أي : المطهر ، { طُوًى } وهو اسم الوادي على الصحيح ، كما تقدم في سورة طه . فقال له : { اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى } أي : تجبر وتمرد وعتا ،

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِذۡ نَادَىٰهُ رَبُّهُۥ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوًى} (16)

و { إذْ } اسم زمان ، واستعمل هنا في الماضي وهو بَدَل من { حديث موسى } بدل اشتمال لأن حديثه يشتمل على كلام الله إياه وغير ذلك .

وكما جاز أن تكون ( إذْ ) بدلاً من المفعول به في قوله تعالى : { واذكروا نعمة اللَّه عليكم إذ كنتم أعداء } [ آل عمران : 103 ] يجوز أن تكون بدلاً من الفاعل وغيره . واقتصار ابن هشام وغيره على أنها تكون مفعولاً به أو بدلاً من المفعول به اقتصار على أكثر موارد استعمالها إذا خرجت عن الظرفية ، فقد جوز في « الكشاف » وقوع ( إذْ ) مبتدأ في قراءة من قرأ : { لقد من اللَّه على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً } في سورة آل عمران ( 164 ) .

وأُضيف { إذْ } إلى جملة { ناداه ربه } . والمعنى : هل أتاك خَبر زماننِ نادى فيه موسى ربُّه .

والواد : المكان المنخفض بين الجبال .

والمقدّس : المطهّر . والمراد به التطهير المعنوي وهو التشريف والتبريك لأجل ما نزل فيه من كلام الله دون توسط ملَك يبلغ الكلام إلى موسى عليه السلام ، وذلك تقديس خاص ، ولذلك قال الله له في الآية الأخرى { فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس } [ طه : 12 ] .

وطُوى : اسم مَكان ولعله هو نوع من الأودية يشبه البئر المطوية ، وقد سمي مكان بظاهر مكة ذَا طُوى بضم الطاء وبفتحها وكسرها . وتقدم في سورة طه . وهذا واد في جانب جبل الطور في برية سينا في جانبه الغربي .

وقرأ الجمهور { طُوَى } بلا تنوين على أنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث بتأويل البُقعة ، أو للعدل عن طَاوٍ ، أو للعجمة . وقرأه ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف منوناً باعتباره اسم وادٍ مذكَّر اللفظ .