في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡعَزِيزُ إِنَّ لَهُۥٓ أَبٗا شَيۡخٗا كَبِيرٗا فَخُذۡ أَحَدَنَا مَكَانَهُۥٓۖ إِنَّا نَرَىٰكَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (78)

54

وعندئذ عادوا إلى الموقف المحرج الذي وقعوا فيه . عادوا إلى الموثق الذي أخذه عليهم أبوهم : ( لتأتنني به إلا أن يحاط بكم ) . . فراحوا يسترحمون يوسف باسم والد الفتى ، الشيخ الكبير ، ويعرضون أن يأخذ بداله واحد منهم إن لم يكن مطلقه لخاطر أبيه ؛ ويستعينون في رجائه بتذكيره بإحسانه وصلاحه وبره لعله يلين :

( قالوا : يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا ، فخذ أحدنا مكانه ، إنا نراك من المحسنين )

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالُواْ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡعَزِيزُ إِنَّ لَهُۥٓ أَبٗا شَيۡخٗا كَبِيرٗا فَخُذۡ أَحَدَنَا مَكَانَهُۥٓۖ إِنَّا نَرَىٰكَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (78)

لما تعين أخْذ بنيامين وتقرر تركه عند يوسف بمقتضى اعترافهم ، شرعوا يترققون له ويعطفونه عليهم ، ف { قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا } يعنون : وهو يحبه حبا شديدا ويتسلى به عن ولده الذي فقده ، { فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ } أي : بدله ، يكون عندك عِوَضًا عنه ، { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } {[15248]} أي : من العادلين المنصفين القابلين للخير .


[15248]:- في أ : "لنراك" وهو خطأ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡعَزِيزُ إِنَّ لَهُۥٓ أَبٗا شَيۡخٗا كَبِيرٗا فَخُذۡ أَحَدَنَا مَكَانَهُۥٓۖ إِنَّا نَرَىٰكَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (78)

{ قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا } أي في السن أو القدرة ، ذكروا له حاله استعطافا له عليه . { فخذ أحدنا مكانه } بدله فإن أباه ثكلان على أخيه الهالك مستأنس به . { إنا نراك من المحسنين } إلينا فأتمم إحسانك ، أو من المتعودين بالإحسان فلا تغير عاداتك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالُواْ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡعَزِيزُ إِنَّ لَهُۥٓ أَبٗا شَيۡخٗا كَبِيرٗا فَخُذۡ أَحَدَنَا مَكَانَهُۥٓۖ إِنَّا نَرَىٰكَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (78)

قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ( 78 }

خاطبوه باسم { العزيز } إذ كان في تلك الخطة بعزل الأول أو موته{[6766]} - على ما روي في ذلك - وقولهم : { فخذ أحدنا مكانه } يحتمل أن يكون مجازاً وهم يعلمون أنه لا يصح أخذ حر ليسترقّ بدل من أحكمت السنة رقه ، وإنما هذا كما تقول لمن تكره فعله : اقتلني ولا تفعل كذا وكذا ، وأنت لا تريد أن يقتلك ، ولكنك تبالغ في استنزاله ، وعلى هذا يتجه قول يوسف { معاذ الله } لأنه تعوذ من غير جائز ، ويحتمل أن يكون قولهم { فخذ أحدنا مكانه } حقيقة ، وبعيد عليهم - وهم أنبياء - أن يريدوا استرقاق حر ، فلم يبق إلا أن يريدوا بذلك طريق الحمالة ، أي خذ أحدنا حتى ينصرف إليك صاحبك ، ومقصدهم بذلك أن يصل بنيامين إلى أبيه ، ويعرف يعقوب جلية الأمر ، فمنع يوسف عليه السلام من ذلك ، إذ الحمالة في الحدود ونحوها لمعنى إحضار المضمون فقط جائزة مع التراضي غير لازمة إذا أبى الطالب ، وأما الحمالة في مثل ذلك - على أن يلزم الحميل ما كان يلزم المضمون من عقوبة - فلا يجوز ذلك إجماعاً . وفي الواضحة : إن الحمالة بالوجه فقط في جميع الحدود جائزة إلا في النفس .

وقولهم : { إنا نراك من المحسنين } ، يحتمل أن يريدوا وصفه بما رأوه من إحسانه في جميع أفعاله - معهم ومع غيرهم - ويحتمل أن يريدوا : إنا نرى لك إحساناً علينا في هذه اليد إن أسديتها إلينا - وهذا تأويل ابن إسحاق .


[6766]:يريد أنه في تلك اللحظة كان هو العزيز بعد عزل الأول وهو قطفير، أو موته.