في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمۡ وَٱلۡمُقِيمِي ٱلصَّلَوٰةِ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (35)

الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم )فبمجرد ذكر اسم الله يحرك الوجل في ضمائرهم ومشاعرهم . ( والصابرين على ما أصابهم )فلا اعتراض لهم على قضاء الله فيهم . ( والمقيمي الصلاة ) . فهم يعبدون الله حق عبادته . ( ومما رزقناهم ينفقون )فهم لا يضنون على الله بما في أيديهم . .

وهكذا يربط بين العقيدة والشعائر . فهي منبثقة من العقيدة وقائمة عليها . والشعائر تعبير عن هذه العقيدة ورمز لها . والمهم أن تصطبغ الحياة كلها ويصطبغ نشاطها كله بتلك الصبغة ، فتتوحد الطاقة ويتوحد الاتجاه ، ولا تتمزق النفس الإنسانية في شتى الاتجاهات .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمۡ وَٱلۡمُقِيمِي ٱلصَّلَوٰةِ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (35)

{ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ }أي : خافت منه قلوبُهم ، { وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ } أي : من المصائب .

قال الحسن البصري : والله لتصبرنّ أو لتهلكنّ .

{ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ } : قرأ الجمهور بالإضافة . السبعةَ ، وبقيةَ العشرة أيضا . وقرأ ابن{[20220]} السَّمَيْقَع : " والمقيمينَ الصلاة " بالنصب .

وقال الحسن البصري : { وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ } ، وإنما حذفت النون هاهنا تخفيفا ، ولو حذفت للإضافة لوجب خفض الصلاة ، ولكن على سبيل التخفيف فنصبت .

أي : المؤدين حق الله فيما أوجب عليهم من أداء فرائضه ، { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } أي : وينفقون ما آتاهم الله من طيب الرزق على أهليهم وأرقائهم وقراباتهم ، وفقرائهم ومحاويجهم ، ويحسنون إلى خلق الله مع محافظتهم على حدود الله . وهذه بخلاف صفات المنافقين ، فإنهم بالعكس من هذا كله ، كما تقدم تفسيره في سورة " براءة " [ فلله الحمد والمنة ]{[20221]}-{[20222]} .


[20220]:- في ت : "أبو".
[20221]:- زيادة من ف ، أ.
[20222]:- انظر تفسير الآية : 67.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمۡ وَٱلۡمُقِيمِي ٱلصَّلَوٰةِ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (35)

القول في تأويل قوله تعالى : { الّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصّابِرِينَ عَلَىَ مَآ أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصّلاَةِ وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } .

فهذا من نعت المخبتين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وبشّر يا محمد المخبتين الذين تخشع قلوبهم لذكر الله وتخضع من خشيته ، وَجَلاً من عقابه وخوفا من سخطه . كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : الّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ قال : لا تقسو قلوبهم . والصّابِرِينَ عَلى ما أصَابَهُمْ من شدّة في أمر الله ، ونالهم من مكروه في جنبه . والمُقِيمِي الصّلاَةِ المفروضة . وَمِمّا رَزَقْناهُمْ من الأموال . يُنْفِقُونَ في الواجب عليهم إنفاقها فيه ، في زكاة ونفقة عيال ومن وجبت عليه نفقته وفي سبيل الله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمۡ وَٱلۡمُقِيمِي ٱلصَّلَوٰةِ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (35)

ووصفهم تعالى بالخوف والوجل عند ذكر الله ، وذلك لقوة يقينهم ومراعاتهم لربهم ، وكأنهم بين يديه ، ووصفهم بالصبر وبإقامة الصلاة وإدامتها ، وقرأ الجمهور «الصلاة » بالخفض ، وقرأ ابن أبي إسحاق «الصلاة » بالنصب على توهم النون وأن حذفها للتخفيف ، ورويت عن أبي عمرو{[8376]} ، وقرأ الأعمش «والمقيمين الصلاةَ » بالنون والنصب في «الصلاة » وقرأ الضحاك «والمقيمَ الصلاةَ » ، وروي أن هذه الآية ، قوله { وبشر المخبتين } نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم .


[8376]:شبه ذلك بحذف النون من اللذين والذين في قول الأخطل: أبني كليب إن عمي اللذا قتلا الملوك وفككا الأغلالا وفي قول أشهب بن رميلة: وإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد قال سيبويه: حذفوا النون منهما حيث طال الكلام وكان الاسم الأول منتهاه الاسم الآخر.