في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَن كَفَرَ فَعَلَيۡهِ كُفۡرُهُۥۖ وَمَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِأَنفُسِهِمۡ يَمۡهَدُونَ} (44)

33

وقد جاء هذا التوجيه أول مرة في السورة بمناسبة الكلام عن الأهواء المتفرقة والأحزاب المختلفة . أما هنا فيجيء بمناسبة الشركاء ، والرزق ومضاعفته ، والفساد الناشئ من الشرك ، وما يذوقه الناس في الأرض من ظهور الفساد واستعلائه ، وعاقبة المشركين في الأرض . يجيء بهذه المناسبة فيبين جزاء الآخرة ونصيب المؤمنين والكافرين فيها ؛ ويحذرهم من يوم لا مرد له من الله . يوم يتفرقون فريقين : ( من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ) . .

ويمهد معناها يمهد ويعبد ، ويعد المهد الذي فيه يستريح ، ويهييء الطريق أو المضجع المريح . وكلها ظلال تتجمع وتتناسق ، لتصور طبيعة العمل الصالح ووظيفته . فالذي يعمل العمل الصالح إنما يمهد لنفسه ويهييء أسباب الراحة في ذات اللحظة التي يقوم فيها بالعمل الصالح لا بعدها . وهذا هو الظل الذي يلقيه التعبير .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَن كَفَرَ فَعَلَيۡهِ كُفۡرُهُۥۖ وَمَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِأَنفُسِهِمۡ يَمۡهَدُونَ} (44)

أي : يجازيهم مجازاة الفضل : الحسنة بعشر أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف ، إلى ما يشاء الله ، { إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } ، ومع هذا هو العادل فيهم ، الذي لا يجور .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَن كَفَرَ فَعَلَيۡهِ كُفۡرُهُۥۖ وَمَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِأَنفُسِهِمۡ يَمۡهَدُونَ} (44)

القول في تأويل قوله تعالى : { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } .

يقول تعالى ذكره : من كفر بالله فعليه ، أو زاد كفره ، وآثام جحوده نِعَمَ ربه ، وَمَنْ عَمِلَ صَالِحا يقول : ومن أطاع الله ، فعمل بما أمره به في الدنيا ، وانتهى عما نهاه عنه فيها فَلاِءَنْفُسِهِمْ يَمْهَدونَ يقول : فلأنفسهم يستعدون ، ويسوّون المضجع ليسلموا من عقاب ربهم ، وينجوا من عذابه ، كما قال الشاعر :

امْهَدْ لنَفْسِكَ حانَ السّقْمُ والتّلَفُ *** وَلا تُضِيعَنّ نَفْسا ما لَهَا خَلَفُ

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد فَلاِءَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ قال : يسوّون المضاجع .

حدثنا ابن المثنى والحسين بن يزيد الطحان وابن وكيع وأبو عبد الرحمن العلائي ، قالوا : حدثنا يحيى بن سليم ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد فَلاِءَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ قال : في القبر .

حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حدثنا يحيى بن سليم ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : فَلاِءَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ قال : للقبر .

حدثنا نصر بن عليّ ، قال : حدثنا يحيى بن سليم ، قال : حدثنا ابن أبي نجيح ، قال : سمعت مجاهدا يقول : في قوله فَلاِءَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ قال : في القبر .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَن كَفَرَ فَعَلَيۡهِ كُفۡرُهُۥۖ وَمَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِأَنفُسِهِمۡ يَمۡهَدُونَ} (44)

{ من كفر فعليه كفره } أي وباله وهو النار المؤبدة . { ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون } يسوون منزلا في الجنة ، وتقديم الظرف في الموضعين للدلالة على الاختصاص .