في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّآ أَحۡضَرَتۡ} (14)

1

عندما تقع هذه الأحداث الهائلة كلها ، في كيان الكون ، وفي أحوال الأحياء والأشياء . عندئذ لا يبقى لدى النفوس شك في حقيقة ما عملت ، وما تزودت به لهذا اليوم ، وما حملت معها للعرض ، وما أحضرت للحساب :

( علمت نفس ما أحضرت ) . .

كل نفس تعلم ، في هذا اليوم الهائل ما معها وما لها وما عليها . . تعلم وهذا الهول يحيط بها ويغمرها . . تعلم وهي لا تملك أن تغير شيئا مما أحضرت ، ولا أن تزيد عليه ولا أن تنقص منه . . تعلم وقد انفصلت عن كل ما هو مألوف لها ، معهود في حياتها أو تصورها . وقد انقطعت عن عالمها وانقطع عنها عالمها . وقد تغير كل شيء وتبدل كل شيء ، ولم يبقى إلا وجه الله الكريم ، الذي لا يتحول ولا يتبدل . . فما أولى أن تتجه النفوس إلى وجه الله الكريم ، فتجده - سبحانه - عندما يتحول الكون كله ويتبدل !

وبهذا الإيقاع ينتهي المقطع الأول وقد امتلأ الحس وفاض بمشاهد اليوم الذي يتم فيه هذا الانقلاب .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّآ أَحۡضَرَتۡ} (14)

{ علمت نفس . . . . } تبين لكل نفس جميع ما عملته من خير وشر بإحضار صحفها ؛ قال تعالى : " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء " {[393]} وهو جواب " إذا " في الآيات السابقة . والمراد بها : زمان ممتد يسع الأمور المذكورة ، مبدؤه النفخة الأولى ، ومنتهاه فصل القضاء بين الخلائق . وعلم النفوس : ما عملته وإن كان في جزء منه وهو وقت نشر الصحف . إلا أنه لما كان بعض هذه الأمور من مباديه وبعضها من روادفه نسب علمها بذلك إلى زمان وقوع هذه الأمور كلها ؛ تهويلا للخطب ، " وتفظيعا للأمر .


[393]:آية 3 آل عمران.
 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّآ أَحۡضَرَتۡ} (14)

ما أحضرت : ما قدمته من خير أو شرّ .

عند ذلك تعلم كلُّ نفس ما قدّمت من أعمال ، فيذهب أهلُ النار إلى جهنم والمؤمنون إلى الجنةِ عند ربهم ، { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ } [ القمر : 55 ] .

والذي يجب علينا أن تعتقدَه أن أعمال العباد تظهر لهم ثابتةً مبيَّنة

لا يرتابون فيها يومَ القيامة . وبعد أن اخترع الإنسان الكمبيوتر والآلات الحاسبة لم يعدْ هناك شيء مستغرَب في نشر الصحف يوم القيامة ، وفيها حسابُ كل إنسان على أدقِّ وجه { وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } [ الكهف : 49 ] .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّآ أَحۡضَرَتۡ} (14)

{ علمت نفس ما أحضرت } أي إذا كانت هذه الأشياء التي تكون في القيامة علمت في ذلك الوقت كل نفس ما أحضرت من عمل

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّآ أَحۡضَرَتۡ} (14)

قوله تعالى : " علمت نفس ما أحضرت " يعني ما عملت من خير وشر . وهذا جواب " إذا الشمس كورت " وما بعدها . قال عمر رضي الله عنه لهذا أجري الحديث . وروي عن ابن عباس وعمر رضي الله عنهما أنهما قرآها ، فلما بلغا " علمت نفس ما أحضرت " قالا لهذا أجريت القصة ، فالمعنى على هذا : إذا الشمس كورت وكانت هذه الأشياء ، علمت نفس ما أحضرت من عملها . وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله ما بينه وبينه ترجمان ، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدمه [ وينظر{[15823]} أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم ] بين يديه ، فتستقبله النار ، فمن استطاع منكم أن : يتقي النار ولو بشق تمرة فليفعل ) وقال الحسن : " إذ الشمس كورت " وقع على قوله : " علمت نفس ما أحضرت " كما يقال : إذا نفر زيد نفر عمرو . والقول الأول أصح . وقال ابن زيد عن ابن عباس في قوله تعالى : " إذا الشمس كورت " إلى قوله : " وإذا الجنة أزلفت " اثنتا عشرة خصلة : ستة في الدنيا ، وستة في الآخرة ، وقد بينا الستة الأولى بقول أبي بن كعب .


[15823]:الزيادة من صحيح مسلم.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّآ أَحۡضَرَتۡ} (14)

{ علمت نفس ما أحضرت } هذا جواب إذا المكررة في المواضع قبل هذا ومعناه علمت كل نفس ما أحضرت من عمل فلفظ النفس مفرد يراد به الجنس والعموم وقال ابن عطية : إنما أفردها ليبين حقارتها وذلتها وقال الزمخشري هذا من عكس كلامهم الذي يقصد به الإفراط فيما يعكس عنه كقوله { ربما يود الذين كفروا } [ الحجر : 2 ] ومعناه التكثير وكذلك هنا معناه : أعم الجموع . { ما أحضرت } عبارة عن الحسنات والسيئات .