اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّآ أَحۡضَرَتۡ} (14)

قوله تعالى : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ } ، هذا جواب «إذا » أوَّل السُّورة وما عطف عليها ، والمعنى : ما عملتْ من خيرٍ وشرٍّ . وروي عن ابن عباس وعمر - رضي الله عنهما - أنهما قرآها ، فلما بلغا «علمت نفس ما أحضرت » قالا : لهذا أجريتِ القصَّةُ .

قال ابن الخطيب : ومعلوم أنَّ العمل لا يمكن إحضاره ، فالمراد : إذا ما أحضرته في صحائفها ، أو ما أحضرته عند المحاسبة ، وعند الميزان من آثار تلك الأعمال ، أو المراد : ما أحضرت من استحقاق الجنَّة والنَّار ، فإنَّ كلَّ نفس تعلم ما أحضرت ، لقوله تعالى : { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً } [ آل عمران : 30 ] .

والتنكير في قوله : «نَفْسٌ » من عكس كلامهم الذي يقصدون به المبالغة ، وإن كان اللفظ موضوعاً للتقليل ، لقوله تعالى : { رُّبَمَا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ } [ الحجر : 2 ] ، أو يكون المراد : أنَّ الكفار كانوا يتعبُون أنفسهم بما يظنونه طاعة ، ثم يظهر لهم في القيامة خلاف ذلك .