فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّآ أَحۡضَرَتۡ} (14)

وجواب الجميع قوله : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ } على أن المراد الزمان الممتدّ من الدنيا إلى الآخرة ، لكن لا بمعنى أنها تعلم ما تعلم في كلّ جزء من أجزاء هذا الوقت الممتدّ ، بل المراد : علمت ما أحضرته عند نشر الصحف يعني : ما عملت من خير أو شرّ ومعنى { ما أحضرت } : ما أحضرت من أعمالها ، والمراد حضور صحائف الأعمال ، أو حضور الأعمال نفسها ، كما ورد أن الأعمال تصوّر بصور تدلّ عليها وتعرف بها ، وتنكير نفس المفيد لثبوت العلم المذكور لفرد من النفوس ، أو لبعض منها للإيذان بأن ثبوته لجميع أفرادها من الظهور والوضوح بحيث لا يخفى على أحد ، ويدلّ على هذا قوله : { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا } [ آل عمران : 30 ] وقيل : يجوز أن يكون ذلك للإشعار بأنه إذا علمت حينئذ نفس من النفوس ما أحضرت وجب على كلّ نفس إصلاح عملها مخافة أن تكون هي تلك التي علمت ما أحضرت ، فكيف وكلّ نفس تعلمه على طريقة قولك لمن تنصحه لعلك ستندم على ما فعلت ، وربما ندم الإنسان على فعله .

/خ29