غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّآ أَحۡضَرَتۡ} (14)

1

وقوله { علمت نفس ما أحضرت } كقوله { يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً } [ آل عمران :30 ] والتنوين في { نفس } للتقليل على أنه مفيد للتكثير بحسب المقام نحو { قد يعلم الله } [ النور :63 ]{ ربما يود الذين كفروا } [ الحجر :2 ] ويجوز عندي أن يكون للتعظيم أو للنوع يعني النفس الإنسانية لا النباتية ولا الحيوانية ولا الفلكية عند القائلين بها . وإسناد الإحضار إلى الأنفس مجاز لأن الملائكة أحضروها في الصحف أو في الموازين إلا أنها لما تسبب منها ذلك أسند إليها على أن آثار أعمالها إنما تلوح عليها .

قال أهل التأويل : هذه الأحوال يمكن اعتبارها في وقت القيامة الصغرى وهي حالة الموت ، فالشمس النفس الناطقة ، وتكويرها قطع تعلقها ، وانكدار النجوم تساقط القوى ، وتسيير الجبال انعزال الأعضاء الرئيسة عن أفعالها ، والعشار البدن يهمل أمرها ، وحشر الوحوش ظهور نتائج الأفعال البهيمية والسبعية على الشخص ، وتسجير البحار نفاد الأوهام الباطلة والأماني الفارغة فإنه بحر لا ساحل له دون الموت الاختياري أو الاضطراري ، وتزويج النفوس انضمام كل ملكة إلى جنسها الظلمة إلى الظلمة والنور إلى النور ، والموؤدة القوّة التي ضيعها المكلف في غير ما خلقت لأجله . وسمعت بعض المحققين من أساتذتي أنها كل مسألة سنحت للخاطر ولم تقيد بالكتابة حتى غابت . والسماء سماء الأرواح والباقي ظاهر .

/خ29