في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا تَجۡعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۖ إِنِّي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ مُّبِينٞ} (51)

وفي ظل هذه اللمسات القصيرة العبارة الهائلة المدى : في أجواز السماء ، وفي آماد الأرض ، وفي أعماق الخلائق . يهتف بالبشر ليفروا إلى خالق السماء والأرض والخلائق ، متجردين من كل ما يثقل أرواحهم ويقيدها ؛ موحدين الله الذي خلق هذا الكون وحده بلا شريك .

( ففروا إلى الله ، إني لكم منه نذير مبين . ولا تجعلوا مع الله إلها آخر ، إني لكم منه نذير مبين ) . .

والتعبير بلفظ الفرار عجيب حقا . وهو يوحي بالأثقال والقيود والأغلال والأوهاق ، التي تشد النفس البشرية إلى هذه الأرض ، وتثقلها عن الانطلاق ، وتحاصرها وتأسرها وتدعها في عقال . وبخاصة أوهاق الرزق والحرص والانشغال بالأسباب الظاهرة للنصيب الموعود ومن ثم يجيء الهتاف قويا للانطلاق والتملص والفرار إلى الله من هذه الأثقال والقيود ! الفرار إلى الله وحده منزها عن كل شريك . وتذكير الناس بانقطاع الحجة وسقوط العذر : ( إني لكم منه نذير مبين ) . . وتكرار هذا التنبيه في آيتين متجاورتين ، زيادة في التنبيه والتحذير !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَلَا تَجۡعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۖ إِنِّي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ مُّبِينٞ} (51)

كما نصَح من أرسَل رسله إليهم من المشركين .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَلَا تَجۡعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۖ إِنِّي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ مُّبِينٞ} (51)

{ وَلاَ تَجْعَلُواْ مَعَ الله إلها ءاخَرَ } عطف على الأمر ، وهو نهى عن الإشراك صريحاً على نحو وحدوه ولا تشركوا ، ومن الأذكار المؤثورة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وكرر قوله تعالى :

{ إِنّى لَكُمْ مّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } لاتصال الأول بالأمر واتصال هذا بالنهي والغرض من كل ذلك الحث على التوحيد والمبالغة في النصيحة ، وقيل : إن المراد بقوله تعالى : { فَفِرُّواْ إِلَى الله } [ الذاريات : 05 ] الأمر بالإيمان وملازمة الطاعة ، وذكر { وَلاَ تَجْعَلُواْ } الخ ، إفراداً لأعظم ما يجب أن يفر منه ، و { إِنِّي لَكُمْ } الخ ، الأول مرتب على ترك الإيمان والطاعة ، والثاني على الإشراك فهما متغايران لتغاير ما ترتب كل منهما عليه ووقع تعليلاً له ولا يخلو عن كدر ، وقال الزمخشري : في الآية : { فروا إلى } طاعته وثوابه من معصيته وعقابه ووحدوا ولا تشركوا به ، وكرر { إِنِّي لَكُمْ } الخ عند الأمر بالطاعة والنهي عن الشرك ليعلم أن الإيمان لا ينفع إلا مع العمل كما أن العمل لا ينفع إلا مع الإيمان وأنه لا يفوز عند الله تعالى إلا الجامع بينهما انتهى ، وفيه أنه لا دلالة في الآية على ذلك بوجه ثم تفسير الفرار إلى الله بما فسره أيضاً لينطبق على العمل وحده غير مسلم على أنه لو سلم الإنذار بترك العمل فمن أين يلزم عدم النفع ، وأهل السنة لا ينازعون في وقوع الإنذار بارتكاب المعصية ، فالمنساق إلى الذهن على تقدير كون المراد بالفرار إلى الله تعالى العبادة أنه تعالى أمر بها أولاً وتوعد تاركها بالوعيد المعروف له في الشرع وهو العذاب دون خلود ، ونهى جل شأنه ثانياً أن يشرك بعبادته سبحانه غيره وتوعد المشرك بالوعيد المعروف له وهو الخلود ، وعلى هذا يكون الوعيد أن متغايرين وتكون الآية في تقديم الأمر على النهي فيها نظير قوله تعالى : { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالحا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أَحَدَا } [ الكهف : 110 ] ، وقوله سبحانه : { واعبدوا الله وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } [ النساء : 36 ] وأين هذا مما ذكره الزمخشري عامله الله تعالى بعدله .